أتذكر الإعلان الذي كان يظهر أب مع طفله الصغير وكان يطعمه وانشغل مع الهاتف، وفجأة نظر لابنه وجده شاب، وبلقطة أخرى جلس الشاب مع أبيه للعب الشطرنج، وانشغل بالهاتف لدقيقة وما إن عاد نظره للعبة وجد والده قد كبر بالعمر، من أكثر الإعلانات المعبرة لأن الهواتف الذكية تسرق منا الوقت واللحظات الجميلة.

شهدنا أغلبنا حالات أين وقعت الكثير من المشاكل بسبب استعمال الهاتف النقال في الأماكن العمومية، وهذا بسبب الانغماس فيه ونسيان العالم الخارجي، وقد أدى في بعض الحالات إلى حوادث مرورية مميتة، وتشير التطورات الحديثة في التكنولوجيا، إلى تغييرات في نمط الحياة والتفاعل الاجتماعي في المجتمعات الصغيرة، واحدة من هذه المجتمعات هي قرية Seine-Port الفرنسية التي اتخذت قرارا بفرض قيود على استخدام الهواتف الذكية في الأماكن العامة.

حيث قررت السلطات مؤخرا فرض قيود على استخدام الهواتف الذكية في الأماكن العامة، وذلك بناء على صوت الناس الذين أبدوا غالبية لفرض تلك القيود، تشمل هذه القيود منع البالغين والأطفال من استخدام هواتفهم أثناء المشي في الشوارع، أو أثناء الجلوس مع الآخرين على مقاعد الحدائق، أو أثناء التسوق في المتاجر وتناول الطعام في المقاهي أو المطاعم.

هذه الخطوة تأتي استجابة للقلق المتزايد بشأن تأثير الهواتف الذكية، وأعتقد أن الاعتماد المتزايد على الهواتف الذكية قد يؤدي إلى انعزال الأفراد وتقليل التفاعل الاجتماعي الواقعي، حيث قد يؤدي استخدام الهواتف الذكية أثناء التجمعات الاجتماعية إلى تقليل جودة الحوار والتواصل البشري المباشر، مما يؤثر سلبا على الروابط الاجتماعية والعلاقات الشخصية.

أرى أن هذه الإجراءات في القرية الفرنسية خطوة مبتكرة لمحاولة استعادة التفاعل الاجتماعي الواقعي وتعزيز التواصل البشري المباشر، إلا أن هذه الخطوة تثير أيضا تساؤلات حول حدود الحرية الشخصية، و أعتقد أن فرض هذه القيود قد يكون تدخلا زائدا في حقوق الأفراد، فهل تراها من نفس الناحية أيضا أو أنها ضرورية للحفاظ على صحة وتواصل المجتمع الواقعي؟