إطّلعت مؤخرا على تجربة فريدة من نوعها، تذكرت من خلالها لعبة المتاهة التي كنّا نلعبها ونحن صغار في طفولتنا، أين كنّا نربط بين الأرنب ليصل إلى الجزرة عبر حلّنا للمتاهة، تخيّل أنّه في مخبر لعلم الأحياء، أين ستقوم البكتيريا بحلّ المتاهة بدلا منّا! في أحدث التقارير فإن الأمر بدأ من جامعة برينستون عبر تحدّ أطلقه الفيزيائي "روبرت أوستن" على طالب في الدراسات العليا يدعى "فان" من أجل تصميم متاهة لا يستطيع حلّها، فكيف تمّ ذلك؟

في البداية يتم تصميم حاسوب حيوي عن طريق استخدام تقنية CRISPR لتعديل الجينات البكتيرية وإضافة دوائر حيوية تمكّنها من التواصل والحساب، ثم توضع هذه الأخيرة على أطباق بتري محفورة بشكل المتاهات، تضاف إليها مغذيات ومؤثرات كيميائية لتحفيز البكتيريا، العملية في الغالب تتطلب مراقبة مستمرة لسلوك البكتيريامن خلال المجهر، ثم تقارن النتائج مع خوارزمية حاسوبية تستخدم لحلّ نفس المتاهات، وهنا مربط الفرس!

فهل تستطيع البكتيريا أن تتغلب على خوارزميات الحاسوب؟ وبالفعل وجد الباحثون بأنّ البكتيريا تستطيع حل المتاهة بطرق مبتكرة وغير متوقعة، وأنها تتأقلم مع التغيرات في البيئة والوسط الذي توضع فيه، فالسائل المائي الذي توضع فيه يستخدم التوتر السطحي ويتأثر بالحرارة وعامل الضغط، والبكتيريا تستخدم الحوسبة الموزعة وتستفيد من التنوع الجيني والإتصال الكيميائي!! قامت البكتيريا بإنشاء نفق جديد في المتاهة وإخترقت المسارات بواسطة إنزيمات هضمية، وأنشأت علامات كيميائبة على طول النفق، لإرشاد باقي البكتيريا إلى المخرج! فهل هو ذكاء حيوي بكتيري؟

فكرة أوستن وفان كانت معقدة للغاية، وكانت تمهّد الطريق للتعرف أكثر على البيولوجيا وقوة البيئة، هل كنتم تتوقعون أن تقوم البكتيريا بحل متاهة معقدة عجز الكثيرون عن حلّ لغزها، فهي متداخلة المسارات وصمّمت خصّيصا لهذا الغرض من التعجيز، وماذا تعرفون عن الذكاء الحيوي؟ وماهو مستقبله؟