كثيرة هي المرّات التي طُرحت فيها هذه القضيّة، أن يكون للذكاء الصنعي نديّة مع الإنسان، أي أن يكون لها الخيرة والاختيار في تقرير المصائر وصناعة المستقبل بصفة هذا الذكاء الصنعي ذكاءً رديفاً للإنسان لا يتحكّم به الإنسان، بل كلّ توجيهه يكون آلي، ذكاء صنعي يحكم بما بُني لأجله، بقرارات منفصلة عن ذكاء الإنسان وقراراته، انتخاب الأفضل دائماً، الأصلح في كل الأوقات. 

ليتطوّر لدينا سؤال يبدو أنّ البشريّة تُفكّر فيه منذ فترات طويلة ولم تلقى لهُ حلول إلى الآن وهو في صلب تقنية الذكاء الصنعي التي تقوم على انتخاب الأفضل للمجموع، ماذا لو كان الأفضل للمجموع هو ضرر الأقليات؟ لا زلت أذكر مثلاً فيلم ستانلي كوبريك 2001: A Space Odyssey الذي أضاء على هذه المُشكلة وعلى ثورة الآلة ضدّ الإنسان لفعل ما هو صواب على الأقل بالنسبة لها، وقد أُستخدمت ذات الثيمة بالكثير من المسلسلات والأغاني والرسومات أيضاً، ما يعني أنّ الأمر هو موضوع يُفكّر فيه الإنسان كثيراً، هناك أدلة كثيرة تؤكّد على الضرر التمييزي الذي يمكن أن تسببه أدوات الذكاء الاصطناعي للفئات المهمشة بالفعل 

علينا أن نعي فعلاً أنّ بناء الذكاء الاصطناعي من قبل البشر ولإنّهُ من قبل البشر فهذا يعني أنّ الذكاء الصنعي مُغذّى أصلاً ببيانات مليئة بالعنصرية والكراهية والأطماع والأخطار التي تحدد طبيعة العيش على الأيض، وتم صناعة هذه الأمور في الأنظمة والمؤسسات التي تميزت بالتمييز الراسخ من الدول. غالبًا ما يتم دمج التحيز في النتائج التي يُطلب من الذكاء الاصطناعي توقعها وبالمثل يوجد التحيز في البيانات المستخدمة لتدريب الذكاء الاصطناعي، البيانات التي غالبًا ما تكون تمييزية وآلاف وربما ملايين الموضوعات لمسائل التمييز للأشخاص الملونين أو النساء أو الفئات المهمشة الأخرى - يؤدي افتقار صناعة التكنولوجيا إلى العاطفة إلى احتمالية تورّط هذه الألات في مسائل إنصاف شنيعة، بحيث قد تقوم الآلة بمعالجة أمور لطبقات اجتماعية على حساب أخرى بطريقة مُؤتمتة وفقاً لهذه البيانات لنرى فجأة وهذه المرّة ليس إنساناً كالسابق مغسول العقل يعتقد أنّ فئة من البشر هي ألد أعداءه، بل ربما قد نرى ذكاء صنعي متجسّد بآلات يُريد أن يحقق انصافاً لطبقات على حساب أخرى. 

كيف برأيك يُمكننا أن نتصوّر هذا المستقبل؟ وكيف يمكننا التأقلم فعلاً وحماية أنفسنا كأقليّات مثلاً في عالم مُتغيّر يدخل إليه عنصر جديد للحكم والتحكّم واصدار القرارات ببياناته المُخزّنة لا بمشاعره؟