تابعت منذ أيام قليلة أحد تقنيات الذكاء الصناعي الموضوعة في الكاميرات لمراقبة الشوارع العامة وكذلك بداخل المباني الحكومية في مختلف الأماكن الأوروبية والأمريكية. كشفت هذه الكاميرات اختلافات كبيرة بين ما يظهره المؤثرون مثلاً على انستجرام وبين ما يمكن رؤيته في الواقع عن طريق تجربة تمت إقامتها من قبل تلك الكاميرات في الشوارع حيث يصورون. كما قامت بمتابعة الرواد السياسيين لمراقبة انشغالهم بالهواتف عن أعمالهم.

كانت هذه التجربة لمراقبة أخطار التكنولوجيا وكيف تصل للتوغل في حياة البشر لكنها عوضًا عن ذلك أرتنا أخطار كشف حقيقتنا أمام العالم وأنفسنا. فجميعنا يعرف مثلاً أن المؤثرين وصورهم غير حقيقية لكننا نفترض ذلك دائمًا لذلك فالمفاجئة تكون كبيرة.

بالنسبة للتقنية فهي مبنية على الذكاء الصناعي بالكامل حيث يتم تغذية التقنية بعدد كبير جدًا من الصور لأشخاص يقومون بأفعال مختلفة ثم تقسيمهم وتحليلهم، بالتالي عند محاولة كشف أي فعل فهي ترجع إلى مخزونها من الصور الذي كون لديها الخبرة لمعرفة طبيعة هذا الفعل.

أما بالنسبة للتجربة فقد لاقت ونتائجها الكثير من الانتقادات حول كونها تتدخل في خصوصيات البشر وتراقب ما لا يجب مراقبته. خاصة في نطاقات أوروبا حيث توجد قوانين خصوصية كبيرة تمنع وضع الكاميرات الشخصية بجوار المنازل مثلًا حتى لا تتطفل على خصوصية الآخرين.أهذا مريح أم مقلق؟

ولكن من ناحية أخرى فتقنية كهذه يمكنها أن تساعدنا في الكثير، ليس فقط معرفة من يمسك هاتفه أثناء العمل بل أيضًا من يدخن في أماكن ممنوع فيها التدخين، كما أنها مساعدة بالفعل في القبض على المجرمين، لذلك فبعض الناس يعتبرونها ضرورة حتى لو كانت تتعدى على الحرية الشخصية في الكثير من الأوقات.

بالنسبة لي فقد رأيت بعض مشاريع التخرج الجديدة التي تحاول تطبيق هذه التقنية بشكل كبير، فمثلًا قام بعض الطلبة المصرييين بتحليل تسجيلات الكاميرات في جامعتهم ومحاولة تحليل من لم يكن مركزًا أثناء المحاضرة ومن كان يأكل في الصفوف الأخيرة! ورغم أن النتائج كانت جيدة إلا أنني أفضل أن أعرف إن كنت في مكان يقوم بمراقبتي و تحليلي طول الوقت هكذا، ماذا عنكم؟ 

وإذن فبين الضرورة والتطفل وقعت هذه الكاميرات، بعض الأماكن لا تستغني عنها وبعضها الآخر تخاف من أنه إن أصبح العالم مراقبًا بالكامل، فماذا يجعلنا نختلف عن روايات الديكتاتورية السوداء مثل 1984؟

بالنسبة لكم هل ترون أن كاميرات الذكاء الصناعي تعدي على الخصوصية أكثر من اللازم أم ضرورة قصوى في عصرنا الحالي؟