قبل فترة قصيرة ظهر خبر على النيويورك تايمز مفاده أنَّ الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يدعو أن تكون خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعية معتدلة أكثر، ولا تساهم في الترويج في شحن الآراء السياسية والاجتماعية.

يُريد أوباما أيضًا من الشركات التقنية الكُبرى أن تتحلّى بالشفافية فيما تفعله هذه الخوارزميات، ويريد تنظيمها لتعمل بأمان كما يحصل مع الأدوية والأطعمة والسيارات.

هل هذا ممكن؟

أتفّق مع أوباما فيما يُريد الوصول له، لكنّ الطريقة التي يُريد فيها تطبيق مراده طريقة قديمة وبعيدة عن الواقع، خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي ليست أبدًا مثل البيانات المتوفّرة لحماية الأدوية والأطعمة.

هناك تملك بيانات وتستطيع القيام بشيء حولها، هنا أنت تتعامل مع خوارزميات تعلَّمت من خلال التجربة والتعزيز لمليارات (أو عشرات منها) من المرّات، تعلَّمت من سنين طويلة، تعلَّمت من ضغطات جميع المستخدمين في العالم لاظهار محتوى أكثر تخصيصيًا للمستخدمين.

الأمر معقَّد جدًا، لا نفهم بعد ما الذي يجري داخل هذه الخوارزميات من عمليات حسابية بالغة التعقيد، لتكييف نفسها مع المستخدمين، في الواقع حتّى مهندسي هذه الخوارزميات لا يفهمون تفاصيل هذه العمليات.

الأمر في هذه الخوارزميات ليس ببساطة: إذا كان يحب القطط، وكان عمره بين 15-25 فأظهر له هذه المنشورات. كلّا. الأمر أعمق. إنما هي أرقام رياضية، تمرّ داخل معادلات جبرية وتخرج النواتج من الجهة الأخرى.

أوباما ينظر للأمر من نظرة بسيطة، فهو يظن أن رجلًا ما يجلس في غرفة مظلمة، يفتل شواربه ويهمهم فيرى أن هؤلاء الناس يحبون منشورات مؤامرات لقاح كورونا، فيظهر لهم منشورات أكثر من هذا النوع، ثمَّ يدخل عليه هو ورجاله ويقولون له: إيّاك إيّاك! فيستجيب لهم ويتخلّى عن الفكرة.

حتّى لو كان الأمر بهذه الطريقة، حتّى لو عرفنا ما تفعله الخوارزميات، وما يجري في داخلها من عمليات لإظهار المحتوى، هذا سيشجّع الناس على اختراق تلك المعادلات لصالح منشوراتهم، سيكون كما لو كانت جيميل قد سلَّمت فلتر السبام إلى أهل السبام!