أدى الانقطاع الذي حدث في فيسبوك لانتشار عشرات الشائعات والتحليلات الغريبة التي تفسر ما حدث، رغم أن الأمر أبسط من ذلك بكثير، ولكن أعتقد أن هذه الشائعات تخبرنا بمدى ضعف الوعي التقني في مجتمعاتنا.

بدأ الأمر بانتشار صورة لطفل صيني يزعم أنه هو من اخترق فيسبوك وأوقف خدماته، بالطبع ظهر الأمر للكثير من العقلاء كمزحة سخيفة ليس إلا، إلى أن انتشر على الكثير من الصفحات الكبيرة إضافة لمسة من المعلومات المغلوطة عن هذا الشاب، ونشر تصريحات منسوبة لمجلات عالمية مثل رويترز.

شخصيا لم أجد فائدة من مناقشة هذا الأمر بشكل تقني على هذه الصفحات، فقط ذهبت للصحف العالمية المذكورة وبالطبع لم أجد أي من هذه التصريحات، فاستخدمت أحد برامج الذكاء الصناعي للبحث عن مصدر الصور، فقمت بوضع الصورة وكانت النتيجة أن الصورة نشرت في مقالة للمرة الأولى عام 2014 من مؤتمر لتعليم البرمجة لطلاب المدارس في الصين.

بعد هذه الإشاعة ظهرت التحليلات والتفسيرات الغريبة، لدرجة أن أحد الأشخاص أخبرني أنه يعتقد أن يوتيوب هو من اخترق فيسبوك حتى يدمره!

الإشاعة الأشهر والتي لاقت رواجا هي أن فيسبوك تسبب في هذا العطل حتى يتمكن من تغيير الخوارزميات بعد خروج واحدة من مديري فيسبوك بتسريبات عن هذه الخوارزميات، ونظرا لأننا نحب دائما نظريات المؤامرة، وعلى حد قولنا نحن المصريين (بنحب نجيب التايهة) فقد لاقت هذه النظرية رواجا كبيرا حتى بين بعض المتخصصين للأسف.

الحقيقة أن ما يفعله فيسبوك معروف ومنشور عنه أبحاث وتقارير منذ أعوام، وهذه ليست المرة الأولى التي يخرج أحد العاملين في فيسبوك ويقول مثل هذا الكلام، وما ذكرته هذه المديرة السابقة ليس بجديد، على سبيل المثال الفيلم الوثائقي social dilemma ذكر الكثير من هذه الأمور، بالإضافة إلى أن الخوارزميات أصلا لم تتغير، ولم يرد أي تقرير عن تغيير أي شيء في فيسبوك، كما أنه لو افترضنا أن فيسبوك يرغب حقا في تغيير خوارزمياته، فليس هناك داعي لانقطاع الخدمة.

ما حدث حقا باختصار هو وجود مشكلة في بروتوكولات التوجيه في أنظمة فيسبوك التي تسمى BGP وهي البروتكولات التي تسمح للمتصفحات بالوصول للموقع، وهذه الأخطاء واردة الحدوث في أي نظام، وليست المرة الأولى بالمناسبة التي يحدث مثل هذا الانقطاع، فقد حدث في الكثير من الشركات العالمية وحدث في فيسبوك نفسه من قبل.