السيد الصرخي: الابتلاء والاختبار هو المحك في معرفة الإيمان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نزار الخزرجي

 لا يكفي إدعاء  الإيمان دون التمحيص والأختيار والابتلاء ، والكل ما زال تحت الأختيار والابتلاء حتى لقاء ربهِ، حتى يتميز الصادق المؤمن من مدعيه، لذلك يأتي الابتلاء ليظهر معدن المرء و ثقل إيمانه , فيبتلي الله عباده بالسراء تارة و بالضراء أخرى و بالعسر تارة و اليسر أخرى، و العطاء أو المنع و الغنى أو الفقر و بالهزيمة أو النصر ,أو  بالوقوع في الفتن أو النجاة منها , أو بالخضوع للشهوات أو الثبات عندها , أو بالتأثر بالشبهات أو ثبات الإيمان كالصخرة أمامها ..و هكذا حتى يتبين بجلاء مدعي الإيمان كذباً و نفاقاً من صاحب الإيمان الحقيقي.ومن أهم الأختبارات التي نمر بها في وقتنا هذا هي الأيمان بقضية الأمام المهدي الموعود (عليهِ السلام) وغيبتهِ  ولما لها أهمية في الثبات على الحق, وقد يعترض البعض على غيبتهِ ولطول أمدها, إضافة الى تحدّثَ أهلُ البيت (عليهم السلام)  كثيراً عن ذلك ليُزيلوا عن النفوسِ ما علِقَ بها من وهمٍ وانحرافٍ يمسُّ قضيةً تشكّلُ أُسّاً رئيساً من أسسِ الإمامةِ, فتحدّثوا عن غيبةِ الإمامِ المهديّ (عليه السلام) وزمانها وعلاماتِ ظهورهِ بعد غيبتهِ، ليضعوا المسلمين في دائرةِ الانتظارِ والدعاءِ بتقريبِ الفرجِ، لأنّ ذلك يشدُّ المسلمَ إلى عقيدتهِ، ويجعلُهُ في ارتباطٍ متينٍ دائمٍ مع الله تعالى, لكن أتباع المنهج التيمي أعترضوا على طول الغيبة وكذبوها ولم يلاحظوا أن الله عز وجل يختبر إيمان العبد بشتى الوسائل ولا يحق للعبد أن يعترض على الخالق, فالقرآن الكريم ذكرَ شواهد عديدة في قصص الأمم السابقة في ثبات إيمان المرء، فقد بَين جملة من العلماء العاملين ومنهم المرجع الديني السيد الصرخي الحسني ( أدام الله فيض علمه) في بيان أختبار و ابتلاء الله -عز وجل- لقوم داوود (عليه السلام)، جاءَ ذلك في المحاضرة الثامنة من بحث: (الدولة..المارقة...في عصر الظهور...منذ عهد الرسول- صلى الله عليه وآله وسلّم-) تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي، مخاطبًا أصحاب المنهج التيمي قائلاً:الابتلاء والاختبار هو المحك في معرفة الإيمان"قال تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} البقرة(٢٤٩).أقول لذوي العقول: من يدّعي أنّه يمتلك العقل، ممّن يتحدّث بالعقل، ممن يتقمّص أنّه عاقل ومن العقلاء خاصة أتباع المنهج التكفيري، أصحاب منهج المغالطات ومنهج الالتقاطية والتشويش والتشويه والمجادلة والمغالطة، الجهال المكّفرين للمناطقة ولأهل الكلام وللفلاسفة وللعقل والعقلاء، أقول: جنود طالوت عندهم معركة، حرب، قتال، تجهيز، حالة إنذار، مسير، تدريب، هجوم، دفاع، اقتحام، ويوجد نهر، هل يوجد من يأتي بجواب لماذا مُنعوا من شرب الماء ؟!! جيش وماء، وجود الماء وعدم وجوده ممكن أنْ يترتب عليه النصر والهزيمة، الماء سلاح في المعركة ممكن أنْ يحقق النصر، ممكن أنْ يقلب النصر إلى هزيمة ويقلب الهزيمة إلى نصر، لماذا يمنع هؤلاء من شرب الماء من هذا النهر؟ لا نعلم، الحكمة الله يعلم بها، العلة الله يعلم بها، على الجندي الإطاعة على المكلف الإطاعة على العبد الإطاعة لا يدخل هنا التفلسف والمغالطة والسفاهة هذا أمر الله، هذا هو كتاب الله، هذا هو قرآن الله، هذا هو كلام الله، نسلم بما جاء، ما هي الحكمة؟ ما هي العلة؟ الله- سبحانه وتعالى- أعلم بها، إذًا الابتلاء والاختبار هو المحك في معرفة الإيمان الحقيقي."انتهى كلام السيد الاستاذ.
وختامًا فمن الخطأ ادعاء الإيمان من غير الثبات في الشدائد، والرضا بقضاء الله، إن سنة الله في خلقه أن يختبر إيمان المؤمنين بأن يصيبهم بما يكرهون، فإن صبروا ورضوا بما قدَّر ربهم فقد صدقوا في قولهم آمنا، وإن لم يصبروا ويرضوا فهم كاذبون في دعوى الإيمان، لذلك علينا اخذ العضة والعبرة من الابتلاءات  بالمحن والشدائد ما تحفلت به حياة الأنبياء والمرسلين، (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يوسف ١١١.