اصبحت كرة القدم أداة تستخدم لتحقيق أهداف خفية مُختلفة. منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى الآن، شهدنا استخدامًا مستمرًا لهذه الرياضة كوسيلة لتهدئة الشعوب، تغطية الجرائم، وتوجيه الانتباه بعيدًا عن المشاكل الحقيقية التي تواجهها البلدان.

لقد سبق وان شاهد العالم حرب قذرة عاشتها الارجنتين في فترة حكم رئيسها الدكتاتوري (خورخي فيديلا ) هذه الحرب عرفت إختفاء الألأف من المواطنين وموت العديد من النساء والحوامل وتفشي الفقر والمجاعة والمشاكل الاجتماعية ووسط هذه الاجواء كلها فازت "الارجنتين" بتنظيم كاس العالم 1978 وكأنها إبرة ومخدر حقنها "خورخي" فاشعل كبريت غسل الدماغ إستنشقه المواطنون ليتوقفوا عن ممارسة الاضرابات وحتى انه استطاع ان ان يُنسي الامهات لفلذات اكبادهم الذين كانوا يُعذبون داخل السجون ، واغلبهم كانوا جالسين امام صندوق الشاشة يمعنون النظر في لاعبيهم ويهتفون بصوت عالٍ "هيا سجل يا مارادونا " ماردونا ورفاقه انسى الارجنتيين جحيم الحرب القذرة !

في إيطاليا، استفاد "موسوليني" من نجاحات منتخب إيطاليا في كرة القدم، خاصة بعد فوزه بكأس العالم في عامي 1934 و1938، لتعزيز سمعة النظام الفاشي ولجلب التأييد الشعبي. كانت المباريات ليست مجرد فرصة للتسلية، بل كانت جزءًا من استراتيجية سياسية لتحقيق التأثير والسيطرة.

كما استخدم "فرانكو" نادي ريال مدريد في إسبانيا لتحقيق أهدافه السياسية وتعزيز نفوذه. وكانت مباريات الفريق تصبح لحظة لتعزيز الانتماء الوطني وتهيئة الجماهير لدعم النظام الفاشي ،فعند خسارة "ريال مدريد " في مبارة الذهاب بنتيجة (3-0) ضد برشلونة ، دخل جيش "فرانكو" في مبارة العودة ليرعب الكتلونيين وفاز حينها "الريال" بنتيجة (11-1 ) ..

تجسدت تلك السياسات أيضًا في تصفيات كأس العالم 2010 بين مصر والجزائر، حيث تحولت المباريات إلى معركة سياسية بين البلدين مما أدى إلى تصاعد التوترات السياسية والدبولماسية والاجتماعية والإعلامية خاصة في البلاطوهات حتى ان تلك المباراة تسببت في ضغوط لجماهير الفريقين وهناك حالات اصيبت ( بضغط الدموي - مرض السكري) وتسببت في حالة من الاستياء الشعبي والتوترات السياسية التي استمرت لفترة طويلة بعد المباراة

إلى جانب السياسة الرسمية، يلعب الإعلام الرياضي والصحف ( سحرة فرعون ) دورًا هامًا في توجيه الشعوب وتشكيل آرائهم. بفضل برامج التحليل الرياضي والتعليقات التي تُبث ليلاً بعد المباريات، يتم توجيه تفكير الجماهير وتشكيل وجهات نظرهم.

وفي هذا السياق، يأتي القول المأثور للدكتور مصطفى محمود: "أكبر أنجاز حققته الدول المتخلفة هو أنهم استطاعوا، أن يقنعوا شعوبهم بأن التأهل لكأس العالم إنجاز كبير، وأن إنهيار التعليم والصحة شيء عادي". هذه المقولة تُظهر التلاعب بأولويات الناس وتوجيههم نحو أمور ثانوية بدلاً من القضايا الحيوية.