أشعر وكأنني أكمل في أشياء كثيرة في حياتي وأنا مجبرة على ذلك، وكأنني أتحرك بسيارة بدون أي علامات على الطريق، ولا أدري إذا كنت سأصل أم لا. هذه كانت كلمات بطلة مسلسل صفحة بيضا وهي تشكو حالها لأحد المقربين، وعند رؤيتي للمشهد جعلني أتساءل كم مرة من الممكن أن نكون شعرنا بنفس إحساسها وكنا تائهين لا ندرك وجهتنا أو لا ندرك إذا كانت الوجهة التي نسير فيها هي الصح أم لا، ولهذا سؤالي لكم كيف تتعاملون مع هذا النوع من المشاعر؟ وكيف تدركون إذا ما كنتم تسيرون في الاتجاه الصحيح أم لا؟
مسلسل صفحا بيضا: كيف يدرك الإنسان أنه يسير في الطريق الخاطئ؟
ببساطة أعتقد أن أفضل طريقة للتعامل مع هذا النوع من المشاعر هي التوقف للحظة والتفكير بوضوح في أولوياتنا وأهدافنا، قد نشعر أحيانًا بأننا تائهون، ولكن بمجرد أن نحدد ما نريد حقًا، تصبح الأمور أكثر وضوحًا. لا توجد دائمًا علامات واضحة على الطريق، لكن الأهم هو الاستماع إلى أنفسنا، وتحقيق التوازن بين ما نرغب فيه وما هو مناسب لنا، ومع مرور الوقت، نكتشف إذا كنا نسير في الاتجاه الصحيح من خلال ما نشعر به من راحة أو قلق، والأهم من ذلك هو أن نثق بأن التوجيه الداخلي سينير الطريق مع كل خطوة نأخذها.
لكن يا بسمة الاعتماد الكامل على المشاعر كوسيلة لتقييم الاتجاه قد لا يكون دائمًا دقيقًا؛ فالمشاعر متقلبة وقد تتأثر بالضغوط أو الخوف من التغيير. لذلك بجانب الاستماع للذات، من المفيد استخدام أدوات عملية مثل كتابة قائمة بالأهداف، أو تقييم الإنجازات كل فترة، أو حتى طلب المشورة من أشخاص موثوقين لديهم نظرة خارجية محايدة.
وكيف تدركون إذا ما كنتم تسيرون في الاتجاه الصحيح أم لا؟
الأمر بسيط رنا، فإدراك أنني أتقدم بالإتجاه الصحيح، يحدث إذا ما وجدت أنني أسير بالفعل نحو تحقيق ما وضعته لنفسي من أهداف واقعية، وأن أشعر بقدر من الرضا عما حققته، والرغبة في مواصلة السعي..
لكن إذا ما إفتقدت لأي مما سبق، أدرك أنني انحرفت عن طريقي الذي اخترته، وليس الصحيح دائما؛ فأحيانا اختيارتنا لا تكن الأصح، لكنها تكن أكثر ما يناسب ظروفنا وقدراتنا!
فإدراك أنني أتقدم بالإتجاه الصحيح، يحدث إذا ما وجدت أنني أسير بالفعل نحو تحقيق ما وضعته لنفسي من أهداف واقعية، وأن أشعر بقدر من الرضا عما حققته، والرغبة في مواصلة السعي..
ولكن يا أماني هذا المقياس ليس دقيق تماما من رأيي. فقد يقابل الإنسان عقبات كثيرة أثناء سعيه لتحقيق أهدافه تصيبه بالإحباط وتجعله غير راضي عن حاله، ولكن هذا لا يعني أن خيار الإنسان نفسه أو الطريق الذي يسلكه خاطئ فالعقبات ليست في يدنا.
كيف تدركون إذا ما كنتم تسيرون في الاتجاه الصحيح أم لا؟
ببساطة رنا، عندما استيقظ في الصباح وينتابني الشعور بالسعادة فيما افعله ولدي الحماس لتقديم الأفضل، راضية عن نفسي وذاتي، لا ينتابني القلق والخوف والحزن، لا أشعر بالملل أو الاحباط والاجهاد، اخذ مثلما اعطي، وأحصل على وقت راحة في حياتي. فأنا بالتأكيد بالاتجاه الصحيح
كيف تتعاملون مع هذا النوع من المشاعر؟
ساحاول مراجعة أهدافي واهتمامي وتحليلها مرة أخرى، ان شعرت بأن الأمر لا يمضي قدما نحو تحقيقها وأن السلبيات أكثر من الايجابيات بكثير، سأبدأ بتغيير أهدافي و تخاذ قرارات سليمة، واستشارة ممن لديهم خبرة في الحياة، ايضًا سأثق بنفسي وبقدراتي وانه من الممكن للشخص أن يبدأ من الصفر، المهم ألا يضل على وجهة واحدة، نتيجها اليأس وعدم احراز اي تقدم.
عندما استيقظ في الصباح وينتابني الشعور بالسعادة فيما افعله ولدي الحماس لتقديم الأفضل، راضية عن نفسي وذاتي، لا ينتابني القلق والخوف والحزن، لا أشعر بالملل أو الاحباط والاجهاد.
في بعض الأحيان هدى أجد أن هذه الحالة بمشاعرها الإيجابية تبدأ في التبدد فأبدأ أتساءل هل سأصل بالفعل للهدف الأهم الذي أردته؟ أو هل سأكون سعيدة إذا حققته أصلا؟ هل التضحيات التي أبذلها في مكانها ولن أندم عليها؟ رغم أن حالتي قبل هذه التساؤلات تكون مشابهة تماما لما وصفت حيث أشعر بالسعادة الحالية فيما أقوم به وبالرضا عن واقعي الآن. فهل من تفسير؟
وصفكِ لحالة السير بلا علامات يشبه كثيرًا تلك اللحظات التي نُكمل فيها مهامنا بدافع الواجب لا القناعة، ما يخلق شعورًا بالإرهاق العقلي والعاطفي. يمكن القول إن المشكلة لا تكمن دائمًا في الطريق بل في غياب الوعي الذاتي بالأسباب والدوافع. أحيانًا نخلط بين الضياع الناتج عن قلة الأهداف، وبين الشعور بالملل الذي يأتي من الروتين. تجربتي الشخصية كانت مشابهة حين وجدت نفسي منغمسة في مهام متعددة أشعر أنها تستهلكني بلا طائل. لكن بمجرد أن خصصت وقتًا لتحديد أولوياتي وبدأت بقول "لا" لما لا يضيف لحياتي قيمة، شعرت بتحسن كبير. الحل يكمن في الإنصات للذات، تحديد الأهداف تدريجيًا، وعدم الخوف من التغيير. وأحيانًا، حتى الضياع قد يكون بوابة لاكتشاف طرق لم نكن لنراها لو بقينا في أماكننا.
هذه المشاعر تراود الكثير منا في مراحل مختلفة من حياتنا. بالنسبة لي، أدرك أنني أسير في الطريق الصحيح عندما أشعر بالرضا ولو بنسبة بسيطة، وعندما أجد معنى فيما أفعله حتى لو كان صعبا. أما إذا كان الأمر مجرد ضغط مستمر دون أي إحساس بالتقدم أو القيمة، فهذا يكون مؤشرا على أنني بحاجة لإعادة النظر في المسار الذي أسلكه. أحيانا، مجرد التوقف قليلا والتفكير في ما نريده حقًا قد يساعدنا على إيجاد طريق أكثر وضوحا
الضَّياعُ ليس دليلَ ضعفٍ، بل شهادةُ ميلادِ وعيِكِ بأنَّكِ لستِ دميةً في مسرحِ الآخرين. حين تَشُكُّ في طريقِكِ فأنتِ تُمسِكين بالفأسِ لتكسيرِ قيودِ النسخةِ المُزيَّفةِ مِن حياتِك. لا تَطلُبي "الدليل" على أنَّكِ تسيرينَ في الاتجاهِ الصحيح، فالحياةُ ليست خريطةً مكتوبةً بماءِ اليقين، بل نارٌ تُضيءُ طريقَها باحتراقِ الأسئلةِ التي لا تجرؤينَ على طرحِها.
الوحيدُ الذي يَخسرُ هو مَن يَظنُّ أنَّ الطريقَ الخطأَ وهمٌ يجبُ الهربُ منه. اِرمي البوصلةَ جانبًا، وافهمي أنَّ كلَّ خطوةٍ تُشعلُ فيكَ غضبًا مِن الفراغ، أو اشتياقًا لشيءٍ لا تَعرِفينَ اسمَه، هي إجابةٌ صامتةٌ على سؤالِكَ: "أينَ الحقيقةُ التي أنتمي إليها؟".
لا تَخافي مِن أن تَقطعي مسافاتٍ في الظلام، فالشمسُ لا تُشرقُ إلا للذينَ يَجرؤونَ على السيرِ دونَ ضمانِ الوصول. الطريقُ الصحيحُ هو ذاكَ الذي يجعلكِ تُحاربينَ مِن أجلِ أن تَتنفَّسي، لا ذاكَ الذي يَدفعُكِ لتَخديرِ ذاتِكِ بأوهامِ "الاستقرار".
مفهومك عن الحياة جميل يزيح عن كاهل الإنسان الكثير من الأعباء كعبء المثالية وعبء الخوف من الفشل. فهو يجعل من التجربة الخاطئة أداة للتعلم وفرصة لفهم الذات واكتشافها بعيدا عن اللوم والندم والانتقاد، ولكن حتى التجارب الخاطئة فاتورتها مكلفة ولا يمكن للجميع تحملها، بعض الأشخاص في الحياة خياراتهم محدودة بسبب ظروفهم وبيئتهم وبالتالي إذا سلكوا إتجاه خاطئ قد يحرمون للأبد من فرصة الوصول لنهاية جيدة في جانب معين من جوانب الحياة، هؤلاء الناس الحياة بالنسبة لهم معركة عليهم أن ينجو منها لا أن يستمتعوا برحلتها.
التعليقات