الوطن العربي بأكمله يشاهد المسلسلات التركية عبر مواقع خاصة أو على تطبيق يوتيوب وتطبيقات اخرى متخصصة ومنصّات كثيرة عربية، هذا الرواج التي حققه هذا النوع عربياً يُعد ساحق إلى حد ما مُقارنةً بالسينما، أيضاً لدينا المسلسلات الأوروبية التي على منصّات HBO ونتفلكس وغيرها، كُل هذا لمنتجات رائجة لدينا. 

لماذا يبقى الدور العربي في دبلجة هذه المُنتجات؟ في ترجمتها؟ ما المانع فعلاً في صناعة نسخ مُطابقة لهذه الأعمال، نسخ مُطابقة تماماً وبطابعنا وزوايانا وطريقة تفكيرنا؟ يحتج كثيرون بأنّ هذا الفعل محرّكه الأوّل والأخير هو التقليد الأعمى للغرب والمنتج الخارجي وانغلاق إبداعي لا فائدة منه ومخجل بكثير من الأحيان، لا أنكر بأنّ المرء للوهلة الأولى فعلاً قد يشعر بذلك، بأنّ عليه أن يكون صاحب الفكرة والحكاية وأن يمتلك زمام أيّ عمل ينتجه منذ بدايته إلى أن ينتهي، وفكرة القصّ واللصق لا يجب أن تكون في الخانة الإبداعية. 

لكن حين يطول التفكّر في الأمر، يُدرك أيّ شخص بالمنطق بأنّ الأمر قد يحتمل أعذاراً بل وعوامل مشجّعة أيضاً لهذا الاستنساخ، يقول أحدهم مُتهكّماً: ما هي هذه الأعذار؟

أوّل هذه البنود، هو بند الربح الإقتصادي المهول، هذه أعمال جاهزة، أفكار مُجرّبة، دراما قد تمّ اختبارها على الناس ونجحت، خلطات مضمونة النجاح، فما الضير من التكسّب منها؟ طالما أنّ الأمر قانوني ومقبول، لا أجد مبرراً يجعل المرء ترك هذه المبالغ الطائلة. 

وثاني البنود: رغبة الشعوب العربية أحياناً لرؤية نسختها الخاصّة من الحكاية، حين تعشق الحاضنة الشعبية عمل درامي ما غالباً تنشأ فكرة نفسية داخلية تُطالب برؤية ذات السياقات الدرامية على ألسن وأجواء عربية، يتخيّلون ذلك، فنسخة فيلم العراب الإيطالي الرائعة تمّ اختبارها عربياً بمُسلسل بذات الاسم، وعروس اسطنبول، المسلسل التركي، تواجهه نسخة لبنانية وتتوازى معه: عروس بيروت. حتى مسلسل تشيللو الشهير لتيم حسن كان استنساخ لفيلم فرنسية "عرض غير لائق" والأمر يمتد إلى الكوميديا، هنيدي مثلاً صنع نسخة كوميدية عن التايتانيك بفيلم عنوانه "أمير البحار".

شئنا أم رفضنا، الناس يعجبها هذا الأمر، والدراما وسيلة ترفيهيّة للناس فما الذي يجعلنا نرفض هذه العقلية؟