أعلم أن سؤالي قد يبدو غريبا في البداية، لكن اسمحوا لي أن أشرح لكم السبب وراءه.

عندما كنت في التاسعة من عمري، كنت أدرس في مدرسة قرآنية حيث كنا نحفظ القرآن الكريم ونتعلم الحديث وعلوم اللغة العربية. في أحد الأيام، تحدث بعض الأطفال الأكبر سنا عن حديث نبوي لم أكن قد سمعت به من قبل. بدافع الفضول، سألت أستاذي الإمام الذي كان يدرسنا عنه، فأكد لي أن الحديث صحيح.

الحديث هو كالتالي:

كُنَّا مع النَّبيِّ في قُبَّةٍ، فَقالَ: أتَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا رُبُعَ أهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: أتَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: أتَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا شَطْرَ أهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: والَّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، إنِّي لَأَرْجُو أنْ تَكُونُوا نِصْفَ أهْلِ الجَنَّةِ؛ وذلكَ أنَّ الجَنَّةَ لا يَدْخُلُهَا إلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وما أنتُمْ في أهْلِ الشِّرْكِ إلَّا كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ في جِلْدِ الثَّوْرِ الأسْوَدِ، أوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ في جِلْدِ الثَّوْرِ الأحْمَرِ. الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6528 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه مسلم (221) باختلاف يسير 

بعد عدة أيام من التفكير والقلق، عدت إلى أستاذي وسألته سؤالا مباشرا: "إذا أنا مت الآن، هل سأدخل الجنة؟" فأجابني بأن جميع الأطفال إذا ماتوا يدخلون الجنة، لكن التكليف يبدأ عندما تظهر علامات البلوغ، والتي تبدأ عادة بين سن العاشرة والخامسة عشرة.

عند هذه النقطة، شعرت برعب وجودي. كنت على وشك الوصول إلى تلك السن التي يبدأ فيها التكليف والحساب. خفت من فكرة النمو ذاتها. لم أعد أرى الحياة نعمة أحمد الله عليها، بل لعنة معلقة بساعة بيولوجية. كنت خائفا من أن أكبر وأُحاسب، وشعرت وكأنني وُضعت في امتحان مصيري، أرغمت على دخوله. تأثرت نفسيتي إلى درجة أنني حاولت أن أنهي حياتي. لم أنجح، بل كسرت ساقي وعدة أضلاع، ولا يمكنني أن أنسى نظرات الحزن والانكسار في عيون والداي عندما رأياني في تلك الحالة. كان ذلك كافيا لأتوقف عن محاولة الهرب.

بعدها بدأت الالتزام دينيا. ليس حبا في الحياة أو في الجنة، بل خوفا من العذاب. والمشكلة ظلت عالقة داخلي منذ ذلك الحين.

والآن، وأنا في الحادية والعشرين من عمري، وبعد سنوات من التفكير، أطرح هذا السؤال:

إذا كنّا نؤمن حقا بصدق حديث النبي ﷺ، وكان في قلوبنا شيء من الرحمة، فهل يصح أن نستمر في الإنجاب؟

هل من الرحمة أن نورط أطفالنا بأن ننجبهم في هكذا عالم مليء بالفتن، ونحن نؤمن أن الغالبية العظمى من البشر سيكون مصيرهم جهنم؟