ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: { يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } سورة مريم 28

و في قوله تعالى: { إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } آل عمران 35

من خلال السياق القرآني ، هل يمكن الحكم أن مريم العذراء أخت نبي الله موسى عليه السلام تبعا لتشابه الأصول ؟

أولا : من هم آل عمران ؟

آل عمران أسرة ذكرت في القرآن ثلاث مرات، الأولى في قوله تعالى:{ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

 والثانية ورد ذكر امرأة عمران والدة مريم العذراء في قوله تعالى:

{ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }

والثالثة ورد ذكر مريم ابنة عمران في قوله تعالى:

{ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }

هناك شخصان من بني إسرائيل، كل منهما اسمه عمران، وبينهما فترة زمنية طويلة تمتد عدة قرون وقد قال المفسرون: إن ما بين العمرانين ألفا وثمانمائة سنة :

الأول هو عمران الذي عاش في مصر زمن الفراعنة في بداية تاريخ بني إسرائيل، وهو والد نبيا الله موسى وهارون وذلك لقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم : { موسى بن عمران صفي الله }، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ مررت ليلة أسري بي على موسى بن عمران عليه السلام }.

وقد ذكر في القرآن قصة أفراد هذه الأسرة، وهم موسى وأم موسى وماذا فعلت عندما أنجبت ابنها موسى، وأخت موسى التي أمرتها أمها بمراقبة أخيها موسى، وهارون شقيق موسى فهؤلاء الخمسة هم أفراد هذه الأسرة.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن عمران: هو والد نبي الله موسى، عليه السلام.

الثاني هو عمران الذي عاش في بيت المقدس في آخر تاريخ بني إسرائيل، وهو والد مريم، وامرأة عمران حنة بنت فاقوذا أم مريم ، ومريم، وعيسى.

فعمران جد عيسى لأمه، وامرأة عمران جدته لأمه، وكان عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه، وكانت زوجته امرأة صالحة، وكانت لا تلد، فدعت الله أن يرزقها ولداً، ونذرت أن تجعله مفرغا للعبادة ولخدمة بيت المقدس فاستجاب الله دعاءها، وشاء الله أن تلد أنثى هي مريم، وجعل الله كفالتها ورعايتها إلى زكريا، وهو زوج خالتها، ويقول ابن كثير: { المراد بعمران هذا: هو والد مريم بنت عمران، أم عيسى ابن مريم عليهم السلام } ، كما أشار القرآن إلى شقيق لمريم اسمه (هارون) وهو غير هارون النبي شقيق موسى 

 وذكر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أن عيسى ويحيى  هما أبناء الخالة، أي أن زكريا كان متزوجاً خالة مريم

ثانيا : من هي أم مريم العذراء و من هي أم موسى عليه السلام ؟

• أم النبي موسى عليه السلام:

ورد ذكرها في الكتاب المقدس: «وَاسْمُ امْرَأَةِ عَمْرَامَ يُوكَابَدُ بِنْتُ لاَوِي الَّتِي وُلِدَتْ لِلاَوِي فِي مِصْرَ، فَوَلَدَتْ لِعَمْرَامَ هَارُونَ وَمُوسَى وَمَرْيَمَ أُخْتَهُمَا».[عد 59:26]

وورد ذكرها أيضاً في القرآن : 

قال تعالى :{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } سورة القصص 6-7

و قال تعالى :{ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } سورة القصص 10-13

• أم مريم العذراء :

قال تعالى :{ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } آل عمران 35

قال تعالى :{ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } آل عمران 36

رُوي أنّ حنة بنت فاقوذا زوجة عمران كانت عاقراً لم تلد، إلى أن عجزت، فبينما هي في ظلّ شجرة أبصرت بطائر يطعم فرخاً له، فتحرّكت عاطفتها للولد وتمنّته فقالت: يا ربّ إنّ لك عليّ نذراً، شكراً لك، إن رزقتني ولداً أن أتصدّق به على بيت المقدس فيكون من خدمه، وقد استجاب لها الله سبحانه، فحملت، وأثناء حملها توفي زوجها عمران .

ثالثا : تشابه بين أصل مريم العذراء و أصل نبي الله موسى عليه السلام :

تبعا لما ورد ، فإن موسى عليه السلام أصغر اخوته بعد أخته و هارون عليه السلام ، و في قصة مريم العذراء فقد ذكر أن حنة بنت قافوذا كانت عاقرا و قد رزقها الله مريم بالنذر لأن زوجها عمران توفي و هي حامل بمريم .

نوديت مريم بأخت هارون و لم تنادى بأخت موسى، لأنها عندما جاءت قومها تحمل عيسى، ظن بنو إسرائيل أنها ألحقت بهم العار كما ألحقه بهم هارون عندما اتخذ لبني اسرائيل عجلا.

أخت موسى عليه السلام اسمها مريم كما وردت في الكتاب المقدس، لكنها ليست مريم العذراء لأنه بين رسالة موسى عليه السلام و رسالة عيسى عليه السلام 1800 سنة