من الأهم لك كمشاهد القصة أم الصور البصرية؟

كلامك صحيح يا بنت خشان لكنه متناقضًا ومتباعدًا بنفس الوقت رغم أن تعليقك يُبرز أهمية القصة في نجاح الأعمال الفنية، إلا أنه يغفل جانبًا جوهريًا، وهو أن الشكل البصري ليس مجرد عنصر ثانوي يمكن الاستغناء عنه، بل جزء أساسي من تجربة المتلقي، وقد يكون أحيانًا الوسيلة الأقوى للتأثير. الاعتماد الكامل على القصة وإقصاء الشكل يُعد تبسيطًا غير واقعي، خاصة في عصر أصبحت فيه الصورة لغة قائمة بذاتها.

كلامك كذلك متأثر بميول شخصية وتجارب ذاتية، لا يمكن تعميمها كمقياس نقدي. استخدام أمثلة مثل أفلام فاتن حمامة أو "كبرياء وتحامل" يُظهر انحيازًا للماضي دون النظر لنجاحات معاصرة بُنيت على الإبهار البصري أكثر من قوة السرد.

كما أن المقارنة بين البحث الأكاديمي والأعمال الفنية غير دقيقة؛ فكل مجال له معاييره وأهدافه. تجاهل هذا الفرق يُضعف من منطقية الطرح، ويجعله أقرب إلى رأي انطباعي منه إلى تحليل موضوعي.

باختصار، القصة مهمة، لكن نجاح العمل الفني لا يُبنى على عنصر واحد، بل على تكامل ذكي بين المضمون والشكل.

أتفق معك أن الصورة البصرية وحدها لا تصنع فيلمًا عظيمًا، لكن في المقابل، لا يمكن النظر إليها كمجرد "مكمّل". في السينما الحديثة، أصبحت الصورة وسيلة سرد، وأداة لنقل المشاعر والمعاني، لا تقل عن الحوار أو الحبكة.

خذي مثلًا فيلم Dune (2021) – القصة مأخوذة من رواية كلاسيكية معقدة، لكن ما جعل الفيلم يحظى بإعجاب واسع لم يكن فقط القصة، بل الطريقة التي رُويت بها: الصورة، الألوان، التصميم الصوتي، كلها كانت جزءًا من التجربة، بل وأحيانًا سبقت القصة نفسها في التأثير. كثير من المشاهدين خرجوا من الفيلم وهم منبهرون بالشكل حتى إن لم يفهموا كل تفاصيل الحبكة.

اهلا بك اسلام اعتقد ان، رأيك يحمل وجاهة في تقدير أهمية القصة، ولا شك أن القصة الجيدة تظل حجر الأساس في أي عمل فني مؤثر. ولكن ربما فيه قدر من المبالغة في تقليل دور العناصر الأخرى مثل الصورة والإخراج.

في العصر الحالي، القصة وحدها لم تعد كافية لجذب جمهور متنوع اعتاد على مستويات عالية من الجودة البصرية والتقنية. الإخراج، الصوت، الصورة—كلها ليست مجرد عناصر تجميلية، بل أدوات تعبير لا تقل أهمية عن الكلمة المكتوبة. فالفيلم في النهاية ليس رواية تُقرأ، بل تجربة تُشاهد وتُحس.

كذلك، نجاح بعض الأعمال ذات الصورة "الضبابية" كما وصفت، لا يعني أن هذا النموذج قابل للتكرار دائمًا. في أحيان كثيرة، تكون هذه النجاحات استثناءً لا يُقاس عليه، بل يرتبط بسياق خاص، أو جمهور مستهدف بعينه.

لذلك، أرى أن النجاح الحقيقي ينبع من تكامل العناصر، لا من تفوق عنصر على آخر. فالقصة بدون معالجة فنية متقنة قد لا تصل، والصورة المبهرة دون مضمون قد تُبهج لحظة، لكنها لا تترك أثرًا.