فيلم fight club قد يراه البعض سطحي، ولكنه يقدم فكرة رائعة وهي: معاناة الآخرين أفضل علاج نفسي لعلاج معاناتنا.

قصة الفيلم تدور حول شخص يعاني من الأرق ولا يستطيع النوم بالليل أبدًا، ويقرر العلاج ولكنه يدخل لنادي كل أعضائه مرضى بمرض خطير، وحينما يستمع لمعاناتهم يبدأ تدريجيًا بنسيان معاناته، وبالفعل في النهاية يتعافى من الأرق، ولكنه اضطر للكذب عليهم لحضور باقي جلساتهم التي يتحدثون فيها عن تجاربهم.

أوضحت مجلة "آي إن سي" الأمريكية أن الاستماع للآخرين والتعاطف معهم مهارة تساعد الإنسان على تنشيط خلايا الدماغ العصبية، وتحفز الجسم على الراحة والسعادة، وأكدت المجلة أن الاستماع لمشاكل الآخرين تساعد أيضًا على زيادة الثقة بالنفس واكتساب احترام الغير، والشعور بهدوء نفسي، بالإضافة إلى تكوين صداقات عديدة، وهذا بالفعل ما حدث مع بطل الفيلم.

والآن دعونا نتخيل أننا نستمع لشخص لديه مشاكل أكبر من مشاكلنا ألن نستمع له وتقول في داخلنا: الحمد لله أنك حميتني من هذا الموقف أو ذاك؟ ولكن لنحذر من الجرعة الزائدة؛ فالاستماع للآخرين كالدواء إذا أخذنا منه جرعة أكثر من الجرعة المحددة سيكون ضرره أكبر من نفعه، وقد تتسبب تلك الجرعة في إصابتنا بالاكتئاب، والقلق والتوتر، خاصةً لو كنا من الشخصيات التي لا تتعاطف فحسب مع الآخرين بل وتتقمص مشاعرهم وكأنها من يمر بتلك التجربة المريرة وقتها سيزداد الأمر سوءًا بالطبع.

هل تعرفون الفرق بين التقمص الشعوريSympathy  والتعاطف  Empathy؟

التقمص الشعوري هو شعورنا بالحزن من أجل شخص ما على الرغم من عدم مرورنا بنفس تجربته، مثلًا شخص رسب في الامتحان وأنت لم تختبر هذا الموقف قط، ولكنك تشعر بحزن عميق من أجله وكأنك أنت من فشل وليس هو.

أما العطف أو التعاطف فيعني أنك عشت نفس التجربة وعندما تحدث معك شخص أخر عن تجربة مشابهة لتجربتك شعرت بالتعاطف معه لأنك مررت بنفس تجربته؛ فتعاطفك هذا ليس نابع من عطفك على تجربة الآخرين بل نابع من شعورك بالشفقة على نفسك.

الآن أخبروني هل حقًا معاناة الآخرين قادرة على التخفيف من معاناتنا؟ وهل من الممكن أن نعالج أنفسنا حقًا لو استمعنا لتجارب الآخرين الأكثر إيلامًا من تجاربنا الشخصية؟