يقول جان كوكتو: "السينما كتابة حديثة، حبرها الضوء". النقد السينمائي تفاعلٌ مع هذا الحبر. 

لماذا نحتاج فعلاً إلى نُقّاد في السينما وما هي مُهمّتهم؟ 

لإنّهُم الأشخاص الذين يؤهّلون أنفسهم للخوض في ما قد يصعُب علينا، إنّهم يتابعون السينما ليوسّعون رؤيتنا لها ويذكّرونا بما قد ننسى وفي معظم الأحيان يلفتوننا إلى مستويات أعلى من الجمال! 

لكن مؤخراً ومع ازدياد النُقّاد وتناقص جودتهم وقدرتهم المعرفيّة على المحاكمة الجمالية والمنطقية والصناعيّة للفيلم صرنا نرى سلوكيّات أخرى قد تُضرُّ المُشاهد أحياناً في أنّها قد تُعطيه طبق ناقص أو نافذة مٌضللة لرؤية أي فيلم يتحدث عنه، لذلك أنا سأقوم بالحديث عن بعض هذه السلوكيات: 

- هذا ما أومن به وهذه أيديولوجيّتي الخاصّة: 

يعتقد الكثير من النُقّاد وخاصّة المُبتدئين منهم طبعاً بأنّ النقد لُعبة شخصيّة تتمحوّر حول ما يُحب ويعرف ويريد وينتمي! 

فترى أحدهم لا يُشاهد أفلام الويسترن لإنّها لا تعنيه وغيره يريد الحديث عن الفيلم بطريقة سيئة من وجهة نظر سياسية وليست فنيّة ومنهم من يريد أن يُؤوّل الفيلم بناءً على ما يعرف لا ما يرى. 

- الأفضل أن يقرأ المُشاهد الأفضل: 

يعتقد آخرون في مجال النقد بأنّهم يجب أن يُساهموا برفع الذائقة الفنيّة عند المُشاهد بتأويل وسرد الأحداث بطريقة السطور وما بينها، دون أن يهتم بمهمّته الأصيلة وهي أن يقرأ الفيلم قراءة حقيقيّة دون تحميله ما لا يُمكن أن يحمل لمجرّد إرضاء وتحويل ذوق مشاهد مما يرى إلى ما يتخيّل أنهُ قد رأى. 

- الكلام الغامض كلام مُهم: 

هُناك فعلاً أقسام منهم يعتقدون بأنّهُ كلّما كان النص أصعب في القراءة كُلّما كان بمستوى أعلى، إنّهم يُعاكسون مُهتمهم الأساس في: تبسيط ما لا يٌفهم. إنّهم يُضاعفون المشكلة ليجعلوك تحتاج إلى من يفكّ شيفرة النص من أجل أن تفكّ شيفرة الفيلم! 

- عدّادات المٌشاهدة، الأمر الغريب الذي تحوّل إليه الناقد: 

للأسف الأرقام والتقييمات التي يطرحها بعض المواقع كـ IMDB مثلاً صارت معياراً أساس في مهمّة الناقد، في أنّهُ يجب أن يُميّز بين الفيلم السيء والجيد والوسط باستخدام هذه التأشيرات، لا أنكر بأنّ هذا الأمر جزء من المُهمّة، لكنّهُ ليس الأمر برمّته بكل تأكيد! 

أخيراً ومع كُل هذه الفوضى من التوجيهات والتضليلات التي تهتم بقراءة أي شيء إلّا الفيلم بحد ذاته، هل يُمكنك أن تذكر لي سبب آخر يجعل الناقد بعيداً عن مسعاه؟ ومن ثُمّ أذكر لي ناقد عربي أو غربي تتابعه باستمرار وتهتم بما يقول، عن نفسي أنا أتابع الناقد محمد رُضا، وأنت؟