من فترة قصيرة قرأت وشاهدت مسرحية في انتظار جودو وهي أشهر مسرحيات الكاتب العبثي الشهير صامويل بيكيت وسبب شهرة هذه المسرحية وأول ما لفت الانتباه إليها هو قلة أحداثها وفراغها بشكل كبير وطابع اليأس والعبثية المسيطر عليها

 فهي إذن مسرحية حوارية تتم في مكان واحد حيث تتحدث عن شخصين ينتظران شخصًا ثالثًا يدعى جودو وطوال المسرحية يتحدثان عن انتظارهما له لكنه لا يأتي ولن يأتي. 

 في انتظار ما لا يأتي جعلنا بيكيت نشعر بفراغ الحياة وبأننا نمضيها دائمًا في انتظار المستقبل الذي لا يأتي كما تقول المقولة: "كم تمنيت مرور الأيام ونسيت أنها عمري" 

 بصمة بيكيت تجعلنا نشعر أن الحياة فراغ لا يحدث فيها ما يستحق حقًا وأن الحدث الوحيد الذي يستحق كل هذه الأهمية هو نهاية هذه الحياة

ولكن بعض الناس قد شعروا بها بطريقة مختلفة بعيدة عن العبثية حيث ترجموا رسالة المسرحية أن الانتظار هو السيء وأنه علينا أن نتحرك ولا ننتظر اللحظة المناسبة لأنها لا تأتي بل نحن من نصنعها!

فلا تنتظر توافر الظروف أو مثالية الوضع فهو لن يكون مثاليًا أبدًا وأن الفهم والوصول في الحركة وليس الانتظار!

  وهكذا فقول الكاتب مثلًا " لا تنتظر أحدًا فلن يأتي أحد" يمكنك أن تراه بطريقته المتفائلة والعبثية على حد سواء وربما تراهما معًا أيضًا.

ولكن من معرفتنا عن الكاتب بيكيت نفسه فهو كان يقصد الفكرة الأولى وهذا ما يضج به جو المسرحية حقًا ولكن ميزة مسرحياته أنه يمكنك منها أن تستخرج دائمًا رسالة مختلفة حتى لو كانت مناقضة لما أراده الكاتب. 

 هل يمكن استخراج حكمة مختلفة من مسرحية كتلك؟ وفي وسط كل هذا الفراغ والعبثية الذي جعلهما بيكيت واضحين أمام أعيننا كيف نعيش في عالم كهذا؟