الحوار المسرحي... "السهل الممتنع"

عندما كنت في الجامعة أدرس علوم المسرح، قال لنا المعيد أن المحاضرة القادمة ستكون لدراسة فن الحوار، فظننت أن هذا العنصر هو الأسهل بين عناصر البناء الدرامي الأخرى، فجميعنا يعرف ما هو الحوار، وما أكثر الحوارات التي تدور بيننا وبين الأخرين يومياً، أو حتى بيننا وبين أنفسنا، ولكني اكتشفت أن هذا العنصر هو ما يُطلق عليه مصطلح "السهل الممتنع"، فهو بالفعل يبدو كالحوار العادي، ولكن الحقيقة عكس ذلك. 

الحوار المسرحي ينقسم إلى نوعين، وهما الحوار المسرحي الخارجي والحوار المسرحي الداخلي. الحوار المسرحي الخارجي هو ما يكون بين شخصيتين أو أكثر على خشبة المسرح، ويجب في هذا النوع أن تستمع جميع الشخصيات إلى بعضها البعض.

أما النوع الثاني، وهو الحوار المسرحي الداخلي، فله ثلاثة أشكال، الحوار الجانبي، والحوار الأحادي، والحوار الموجه للجمهور:

▪︎الحوار الجانبي: يعبر عما يدور داخل البطل من مشاعر وأفكار، كأن يكشف عن أشياء يريد فعلها تجاه إحدى الشخصيات الأخرى، أو يحكي حادث قد وقع معه منذ زمن ويؤثر على الأحداث الحالية. 

▪︎الحوار الأحادي أو المناجاة: يقف الممثل منفرداً على خشبة المسرح، ويكشف عن المكنونات الداخلية لشخصيته.

▪︎الحوار الموجه للجمهور: هو ما يقوم من خلاله الممثل بتوجيه حديثه للجمهور، وينتظر منهم التفاعل معه.

أما ما يجعل الحوار المسرحي أو الدرامي بشكل عام "سهل ممتنع"، هو حتمية جمعه بين تلقائية وسلاسة الحوار اليومي الطبيعي، وبين حبكة وتقنين كلماته داخل جُمل الهدف منها توصيل رسالة معينة من المشهد الذى تُقال فيه، فلا يمكن للكاتب أن يضع مجموعة كلمات بجوار بعضها، لينشئ حوار درامي. أو أن يسهب في الحوار بدون داعي لكل كلمة، حتى وإن كان الداعي من هذه الكلمات التخفيف من حدة الحوار الدائر، أو إضفاء روح الواقعية للحوار. أو يختصر بحيث يعجز الجمهور عن فهم الرسالة... عليه أن يوظف كل كلمة في خدمة الهدف المنشود من المشهد أو الموقف.

ومن ضمن الحوارات المميزة التى أبهرتني، وأبهرت الكثيرين أيضاً، هو الحوار الذي دار بين سيدة الشاشة العربية والنجم الراحل محمود ياسين، في فيلم الخيط الرفيع المأخوذ عن رواية الأديب الكبير الراحل إحسان عبد القدوس.

وأنتم أخبروني عن أفضل الحوارات الدرامية التي أثرت بكم ولم تنسوها بمرور الزمن؟