كتابة المسرحية تختلف عن الكتابات الفنية والأدبية الأخرى، حيث أن المسرحية تكتب لتعرض على خشبة المسرح، وليس لتقرأ، لذا تواجه الكاتب عدة مشكلات متعلقة بهذه الخشبة المحدودة، ووقت العرض أيضاً، فكاتب المسرحية لا يستطيع مثل كاتب الرواية أو القصة، أن يتتبع نمو الشخصية في جميع مراحلها، أو أن يقوم بسرد الأحداث من البداية، ويتنقل بين أماكن وأزمنة مختلفة معتمداً على خيال القارئ، لذلك هناك عدة قوانين تحكم الكتابة المسرحية، وفي هذه المناقشة أود مشاركتها معكم لنتبادل الآراء حولها.

▪︎الحدث الدرامي:

نقطة بدء الأحداث عند الكاتب المسرحي، هى النقطة التي تبدأ بها الأمور في التأزم، وليست نقطة بداية الأحداث، وعلى سبيل المثال، عندما أراد "أوسكار وايلد" طرح إشكالية الصراع بين الفرد والمجتمع في مسرحية "الليدي وندرمير"، بدأ بعودة مسز إرلين التي تحاول فرض نفسها مرة أخرى على المجتمع الذي نبذها، بسبب أنها تركت بنتها في الماضي وهربت مع عشيقها، ولم يبدأ من بداية القصة منذ عشرون عاماً، فالعمل المسرحي يبدأ من الحاضر ويشير إلى الماضي.

▪︎عدد الشخصيات: 

تنقسم الشخصيات المسرحية لنوعين، شخصيات رئيسية وشخصيات ثانوية. والكاتب المسرحي يضع بعمله شخصية أو شخصيتين كشخصيات رئيسية، وباقي الشخصيات تُعد شخصيات ثانوية لا توجد من أجل ذاتها، بل لأن لها علاقة بموقف رئيسي لشخصية من الشخصيات الرئيسية.

وإن أكثر الكاتب من وضع الشخصيات الثانوية في العمل، يكون بهدف تمثيلها لنماذج المجتمع المختلفة، مثلما حدث في مسرحية "الليدي ويندرمير"، حيث أن الأحداث تدور داخل حفلة يوجد بها نماذج لشخصيات مختلفة من المجتمع، وهذا بالطبع يخدم الفكرة الرئيسية للمسرحية، وهى الصراع بين الفرد والمجتمع.

وإن لم توجد ضرورة درامية لا يجب على الكاتب المسرحي الإكثار من الشخصيات، سواء الرئيسية أو الثانوية، حتى لا يشتت الجمهور.

▪︎المكان:

بسبب الحدث الموحد الذي ينحصر بين عدد محدود من الشخصيات، يفضل ألا يكثر الكاتب من أماكن الأحداث، حتى يستطيع إيجاد مبررات منطقية وقوية، لدخول شخصياته وخروجها من وإلى المشهد.

هذه كانت أكبر ثلاث مشكلات يمكن أن تواجه الكاتب المسرحي، بسبب الحدود الزمانية والمكانية للمسرح. وهناك عدة مشكلات أخرى يمكن أن تواجهه بسبب إعتماد المسرح بشكل كلي على الحوار، عكس الروايات والقصص التي تسمح لكتابها بالحكي والوصف. 

فلابد أن يعمل الحوار دائماً على تطوير الموقف، وعلى الإشارة للتطورات اللاحقة، وألا يكون حوار بارد وهادئ، إنما يكون في صورة شد وجذب، حتى يؤدي إلى حدوث صراع قوي بين الشخصيات، كما حدث في نفس المسرحية سالفة الذكر، نجد الفصل الأول يشير إلى حفل يقام في الفصل التالي، والإشارة هنا إشارة طبيعية، لأن الشخصيات في الفصل الأول تنتظر هذا الحفل، ومن الطبيعي أن يجعلها الكاتب تتكلم عنه في بساطة وبدون إفتعال.

وفي مسرحية "فولبونى" للكاتب بن جونسون، يتظاهر فولبونى بالإحتضار، ويزوره عدد من الشخصيات طمعاً في أن يترك لها جانباً من ثروته، وقبل حدوث هذه الزيارة يتحدث فولبونى مع خادمه عن هذه الشخصيات، وهذه المناقشة طبيعية ومعقولة، فهى تعطينا معلومات عن هذه الشخصيات وعن مقاصدها الحقيقية، وأيضاً تقوم هذه المناقشة بتطوير الحدث، لأنها تجعلنا نتطلع لهذه الزيارة المقبلة، وعندما تحدث نكون أكثر قدرة على التمتع بها، لأننا نعرف المقاصد الخفية لكل من الطرفين، وندرك الرياء الذي يمارسه كل منهما.

ولعدم الإطالة هناك مناقشة سابقة تتحدث عن الحوار الدرامي بشكل مفصل: 

هناك بعض الأعمال السينمائية تشبه فكرة العروض المسرحية في توافر هذه القوانين بها بشكل كبير، كفيلم الضيف لإبراهيم عيسى.

شاركوني الأعمال المسرحية التي قرأتموها أو شاهدتموها، ولاحظتم وجود هذه القوانين بها. وأكثر عمل مسرحي أثر بك ولماذا؟