شاهدت منذ فترة الفيلم الذي لم يلق حظه الكافي من الشهرة فيلم عرق البلح وهو يحكي قصة قرية جاءت فرصة عمل لجميع الرجال بها وتحت وطأة الحاجة والرغبة في حياة أفضل لعائلاتهم ذهب كل الرجال ليعملوا كعمال في مكان مجهول وبقيت النساء في القرية وحدهن إلا رجلًا أو أثنين لأسبابهم الخاصة.

 يرينا الفيلم كيف تأقلمت النساء على هذا الوضع وكيف أنهن قد أقمن القرية كأن لا شيء ينقصها وقمن بتولي كافة المسؤوليات وإقامة حياة القرية كما هي بل أفضل ولكن هذا لم يكفي فقد كان مؤذيًا عليهن فقدان أحبابهن من أبناء وأخوة وأزواج بطريقة نفسية وجسدية

وقد كان حزينًا أيضًا كيف يمكن أن يولد شخص في القرية فلا يعرف ذلك أحد من هناك بل والأسوأ أن يموت أحد هناك فيدفن بعيدًا ويطويه النسيان إلى الأبد

 يُظهر الفيلم مشاعر الفقد والوحدة بشكل رائع بل إن الكاتب قد صور الموت في هذه القرية بالخروج منها كإنك إن خرجت من وطنك فأنت ميت لا محالة.

قيل على لسان أحد الشخصيات أنها قصة قرية سقطت نخلاتها العاليات فانكشف عنها رعب الشمس حيث جعل النخلات العاليات هم رجال هذه القرية وبسقوط هاته النخلات التي تحمي القرية انكشفت عنها الشمس وأغرقتها في حرارتها وهنا يرينا الكاتب بين طيات الفيلم فكرة بطريقة رمزية هي فكرة الهجرة 

 لكن لنناقش ظروف الفيلم في البداية فهو قد ظهر في مصر من كتابة واخراج رضوان الكاشف في نهاية التسعينات حينما كانت هناك موجة من الهجرة للعمل في الخارج وتُركت العديد من العائلات بدون عائلها الأول. 

 وبالطبع فقد عاشت تلك العائلات في وضع أفضل بسبب جودة المال القادم من الخارج ولكن ظل هناك مكان فارغ على طاولة الطعام ومكان فارغ في القلب لا يمكن لأي مقدار من المال أن يملأه.

فالمخرج إذن يشير إلى توقعاته المستقبلية ناحية هذه الظاهرة ويرى آثارها السيئة وهي في أوج نجاحها

 ولكن هل تعتقدون أن المخرج قد بالغ في عرض وجهة نظره؟ أم أن ظاهرة هجرة الرجال للعمل في الخارج ظاهرة خطيرة لذلك الحد؟ وما الحلول البديلة في مجتمعات تملأها البطالة؟