فكرة أن يعاني أحد الزوجين مرضًا نفسيًا من الأمور التي تستدعي نقاشًا مهمًا قبل الزواج، ولا سيما لو اضطرابات تحتاج علاجًا طويلًا، أو قد يتعرض الشخص لنوبات مفاجئة خارجة عن السيطرة، لأن الاضطرابات النفسي تأثيرها في الحياة العملية لا يختلف أبدًا عن تأثير الأمراض الجسدية المزمنة، بل قد يفوقها لأنه قد ينتج عنه تتابعات خطيرة تُحدث خللًا قويًا في حياة الطرف الآخر، وقد يحتاج هو نفسه إلى علاج نفسي.
لا أقصد هنا أن معايشة أحدًا لديه أي اضطراب مستحيلة، ولكن لو أخذنا الاكتئاب مثالًا، وتحديدًا الاضطراب الاكتئابي الكبير، الأعراض كثيرة من بينها: فقدان الشعور بالقيمة عمومًا، شعور قاس بالذنب، رؤية سلبية لكل المواقف، عدم الرغبة في ترك السرير، رغبة جنسية ضعيفة جدًا (حتى مع العلاج الدوائي، بل أحد أعراضه الجانبية)، والاكتئاب عمومًا يحتاج إلى مزج بين العلاج الدوائي والنفسي وتجربة أنماط سلوكية كثيرة حتى يبدأ الشخص تدريجيًا في التحسّن، هنا يأتي السؤال: كيف يمكن للطرف الآخر مسايرة الحياة بهذا الشكل دون أن يدخل هو شخصيًا في نوبات غضب أو قلق؟ ونعم، حتى نكون موضوعيين، بعض الحالات التي -رغمًا عنها- تُقدم على الانتحار مرات متكررة، أو يصبح معايشتها عملًا مرهقًا هي بالضرورة تأثيرها النفسي مُدمر للطرف الآخر، ولا يمكن أن نقول مثلًا هو زوج صالح أو زوجة صالحة ويجب مراعاة الشريك، لأن الدعم مطلوب للاثنين، وتحديدًا الطرف الآخر، ولا سيما لو حياته كلها ستتوقف، ويصبح اختيار البقاء كل يوم أثقل مما سبق، لذلك، خطة التعامل مع الاضطرابات المزمنة يجب أن يُراعى فيها حدود الطرف الآخر، وكيفية تعامله مع المعطيات الجديدة، وإذا لم يعد بمقدوره إيجاد وسيلة للتكيّف، فمن حقه هنا الانفصال.
التعليقات