كان في محيطي الاجتماعي شخص معروف بأنه لا يُبقي على أحد ويضايق الآخرين ويسبب لهم مشكلات في حياتهم. كان أنانيًا بدرجة ما، ولكن حين كانت تقع أعيننا على منشور له على إحدى حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به نجده يشكو من الناس وأنانيتهم وكيف يسببون له المتاعب، لدرجة أنه ذات مرة كنا في تجمع ولم نقصد ذكر ذاك الشخص بسوء ولكن بالصدفة رأى واحد من بيننا منشورًا كهذا لصاحبنا فصرخ متعجبًا: "هل يصف نفسه؟!"

هناك مقولة أو نظرية لا أعرف بصراحة لمن تنسب، ولكنها ذات أساس في علم النفس، وهي تفترض أنّ من يكثر من انتقاد صفة في غيره، فهو على الأغلب يمتلكها ولا يعي ذلك.

هذا الأمر يمكن أن نعتبره جزءًا من ظاهرة نفسية تُعرف بالإسقاط، والإسقاط هو آلية دفاعية ننسب فيها دون وعي أفكارنا ومشاعرنا وسلوكياتنا غير المقبولة إلى الآخرين؛ وهي بالتالي طريقة لحماية أنفسنا من القلق والشعور بالذنب الذي قد تسببه لنا هذه الحقيقة المؤسفة وغير المرغوب فيها عن أنفسنا.

والآن الأمر يدعوني للتفكير بل التشكيك في نفسي، فأنا أيضًا أحيانًا أمارس هواية نقد الآخرين، فهل هذا يعني أن بعض الصفات قد تكون انعكاسًا لصفات أحملها أصلًا؟!

الموضوع معقد ومرعب! لكن يبدو أنه عليّ مراجعة نفسي والتفكر في كل مرة أنقد شخصًا فلربما كنت أمتلك نفس الصفة التي أستنكرها.

هل سبق أن لاحظتم هذا الأمر في محيطكم؟ وكيف يستطيع الواحد منا التفريق بين نقد الآخرين لصفات يمتلكونها فعلًا، ونقدهم لأنه نفسه يمتلكها ولا يعترف بوجودها؟