من حق المريض رفض التوجيهات الطبية والعلاج!

أرى أن المريض الذي يرفض العلاج غالبا يعود ذلك لأمر مهم جدا، وهو أنه نفسيا يشعر بالإحباط، وربما فقدان الأمل في الشفاء، وربما لأن الدواء يسبب له عرض مؤذي جدا.

واجهت في حياتي أحد الأشخاص الذين تعرضوا لمرض، ورفضوا أخذ العلاج، لأنه كان مؤلما لهم جدا، وأحبوا أن يعيشوا آخر أيامهم مثل أي إنسان..

فهم قد شعروا أن الرحلة شارفت على الانتهاء، والدواء لن يكون حلا.

قد يصعب الأمر أخلاقيا أن تجبر المريض في هذه الحالة، أو أن تعطيه الدواء بالإجبار، مادام لا يريد، لذا أعتقد أن الأفضل أن يتم إقناعه بأن المرض سوف يذهب لا محالة، وأنها مرحلة مؤقتة في حياته، ثم بعدها سيشفى.

عمي رحمة الله عليه، أصيب في آخر حياته في السرطان، الذي جعله يرفض الذهاب للمستشفى، ظنا منه أنه مرض عادي سوف يذهب سريعا، ولكن تم إجباره في النهاية للذهاب للمستشفى.. لكنه كان قد فات الأوان جدا.

أريد أن أقول أن كل شخص بحاجة للأمل، ولليقين أن الله ما خلق الدعاء إلا خلق له دواء، وأننا علينا أن نطمئن المريض، ونحثه على أن يعطي جسده الحق الذي يريده، وهو الدواء.

يجب أولا معرفة لماذا يرفض المريض العلاج!!

هل هذا بسبب سوء تعامل التمريض مثلا معه أو الحديث غير اللائق عن عدم جدوى العلاج.. أيا كان الأفضل معرفة عدم طاعة المريض ومعالجة هذا السبب.

المفترض فعلا هو العمل على شفاء ومصلحة المريض، ماذا لو أن المريض يرفض؟ الأفضل رفع الأمر للطبيب المسئول عن الحالة والتحدث مع أقارب المريض ولو أنه لا ضرر من ذلك التلويح مثلا بأن المريض قد يغادر المشفى لعدم طاعة أوامر الطبيب والتمريض وهذا يضر برحلة العلاج. كل هذه الحلول طبعا إن لم تمثل ضررا على المريض فأولا وأخيرا هو مريض وليس مشتر أو تاجر نتعامل معه في صفقة تجارية.

غالبا حالات الرفض ترتبط إما بالأمراض النفسية أو الحالات المرضية الميؤس منها والتي شارفت على الموتى ويكون سببها نفسيا أيضا، فهي هذه الحالة وجدت بعض أعضاء التمريض يضع الأدوية بالعصائر ليتمكن من اعطائه للمريض ومساعدته للتعافي.

قد تتساءل هنا أو تقول أن هذا عدم احترام لرغبة المريض، لكن المريض في هذه الحالة لا يكون واعيا أو مقدرا للحالة الصحية أو العواقب التي قد تصيبه نتيجة إهماله العلاج.

لكن في حال كان المريض واعيا وقد قرر التوقف عن العلاج، وليس محجوزا بمشفى، فغالبا لن يكون هناك تدخل بقراره وأحيانا يحدث ذلك ويُسمح له بالخروج من المشفى إن كان محتجزا بعد الإمضاء على قرار يخلي مسئولية المشفى في حال حدث أي مكروه نتيجة خروجه المبكر.

رفض المريض أخذ علاجه له عدة أسباب، ومن واقع عملي فإن أكثر من يرفض تناول الدواء هم المرضى بالأمراض النفسية، ومن لا يمتلكون ثمن العلاج، وهناك نوع آخر لم أفهم ما حجته وهم المتواكلون على الله بأنه سيشفيهم ويعتقدون أنهم بهذا توكلوا عليه سبحانه!

• بالنسبة لأول نوع وهم مرضى الإكتئاب والفصام وأي مرض نفسي شديد، وموقفهم من عدم تناول العلاج يرجع إلى رفضهم تصديق المرض أو عدم تقبله، وهو ما يسبب إنتكاسة قوية تؤثر عليهم وعلى المحيطين بهم بشكل قوي

وفي تلك الحالة قد يضطر الممرض أو مقدم الرعاية الصحية أن يضع العلاج في الطعام أو الشراب، ولا يهتم حينها بقرار المريض لأن رفضه لتقبل المرض يعني أنه في حالة لا تسمح له برفض العلاج أو قبوله.

• أما عن النوع الثاني، والذي لن تجد الكثير يلاحظه.. وهو من لا يمتلكون مالًا يكفي لشراء العلاج أو تحمل نفقاته

وهذا الموقف أقابله كثيرًا في عملي مع الأسف، وهنا يأتي الدور الأخلاقي لمقدم الرعاية الصحية أن يحاول المساعدة قدر الإمكان.

• أما الحديث عن النوع الأخير فلن أطيل فيه، إن رأى العلاج ليس له أهمية وأن الله قادر على شفائه.. أحاول أن أقنعه مرة واثنين، فإن لم يقتنع فلا أضيع وقتي معه.

اسمح لي أستاذ أن أجر إلى هذا الموضوع قضية "القتل الرحيم"

على هذا الأساس.. من حق المريض أن يطلب تخليص نفسه من الألم بأي سبيل يراه مناسبا، لكننا هنا لن نتجه بنظرنا إلى الأمر على أن احترام طلب المريض مسألة أخلاقية، بل عكس ذلك نرى في امتناعنا عن إنهاء الحياة هو الأمر الأخلاقي الذي يتماشى مع مبدأ مهنة الطبيب وهو "الحفاظ على الأرواح لا إزهاقها"

فإسقاطًا لهذا الأمر على رفض المريض أخذ الدواء، ستكون نتيجته الحتمية تدهور حالته وصولا إلى أسوء الاحتمالات وهو الموت، بهذه الطريقة سنحول المسألة إلى أن القرار الأخلاقي والواجب هو منعه من قتل نفسه

محاولة تفهم سبب الرفض ادعي الي حل المشكلة بنقاش بسيط قدر الإمكان