إذا كنت تمتلك مكانًا خاصًا للهروب والاسترخاء، كيف سيكون شكل هذا المكان وما الذي ستفعله هناك؟

ربما الإجابة على هذا السؤال لم تعد تعنيني جداً بعد اختبار العيش وحيداً في مدينة لا يعرفني بها أحد، مسألة الهروب لم تعد عندي مسألة غير مُحققة ولكن إن كان ولا بد أن أجيب على هذا السؤال بإجابة محددة فسأختار بكل تأكيد القاهرة في وسط البلد، أو نيويورك بين الأبراج، هاتين المدينتين على كثر الناس الذي فيهم، على كثر الأبنية والازدحام الكبير جداً في السيارات برأيي يتحوّل إلى مكان أكثر من مناسب للهروب من كل شيء، ألا يقولون دائماً أنّ الحرامي يهرب من الشرطة ويختبئ في المخفر؟ وأنا تماماً أحب هذه الطريقة بالتفكير، أن يهرب الإنسان من زحام محيطه العائلي والأقارب والأصدقاء إلى زحام آخر لا يطلب منه شيئاً ولا يراه حتى، شعور أكثر من رائع أن تسكن في مدينة تشعر فيها بأنّ السكان فيها لا يراك أحد فيها، هذا الأمر تحقق حين سافرت إلى القاهرة وأعتقد أنّهُ سيتحقق لي أيضاً عندما أصل لنيويورك، مكانين يمنحان هذا الشعور، العدد الهائل للناس يأتيك بمفعول عكسي على مشاعرك يعطيك مزيداً من العزلة والاسترخاء على عكس ما يعتقد الناس.

أعتقد أن الإجابة المثلى بالنسبة لي، هي المدينة! بعيدا عن الريف، وقد يتساءل البعض لماذا، وألست أفضل المدينة أو أمقت الريف بل بالعكس، فلو كنت في قرية ريفية لا يعرفني فيها أحد لمكثت فيها، ولو كنت في مدينة خالية من الأشخاص الذين أعرفهم لفضلتها أيضا، لكني هنا لا أريد التعميم!

أنا فقط أرغب في البقاء مع عائلتي، وبعض أقاربي، وبعض أصدقائي وبعض زملائي وبعض معارفي، فكلمة بعض هنا استثنيت من الذين أعرفهم الأشخاص الأنقياء الذين يحبون لي الخير وأحب لهم الخير أيضا، وفي حالتي المدينة أحسن حل للهروب من الصداع وكلام الناس الصاعد والنازل.

للاسترخاء غالبا ما أريد الانفراد بنفسي دون أي صوت بمكان هادىء تمامًا، لا يهمني كيفية المكان أو أن يكون مجهزا بشكل ما، لكن ما يهمني أن يعمه الهدوء، مع كوب من الشاي والبسكويت الويفر (هذان الاثنان يحسنان من مزاجي جدا) واتأمل الصمت الذي يعم المكان لا أكثر ولا أقل

أود لو أن لي بيت خاص بي، أصمم كل جزء فيه ليناسب شخصيتي. فيمكنني تخيل غرفة بها مكتبة وموسيقى وفقط، أذهب إليها كلما ضاقت بي الدنيا وبحثت عن مهرب.

كما لهوايتي المفضلة وهي الغناء أفضل مهرب لي عند تراكم المشاكل لدي، كل ما أفعله هو الذهاب لاستوديو صوتي والغناء لساعة والتدريب وأخرج أكثر من مرتاحة وسعيدة ومستعدة لمواجهة العالم. لذلك يمكنني بناء استوديو خاص بي في المنزل الذي أمتلكه ويصبحان هذان المكان هما الملاذ لي.

عن نفسي سأفضل الذهاب في رحلة أين لا يعرف أحد أني ذهبت بالفعل، وإن كنت سأعود اليوم أو غدا، بحيث لا تهم الوجهن هنا، أفضل السياحة الشتوية لهذا سيكون هذا المكان جبليا ثلجيا بامتياز، أفكر ي التخييم الجبلي، لكن في مكان لا يعرفه أحد، والمشكلة أن هذا المكان في الغالب سيكون مكتظا بالسوّاح وهذا ما لا أريده، أريد أن تكون وجهتي لمكان خال من الناس، أين أرى فيه الهدوء وأسمع صوته.

المكان الوحيد الذي أشعر فيه بالراحة هو بلدتي القديمة بلد تعتبر شبه جزيرة وهادئة في الشتاء وحتى صخبها في الصيف محبب لقلبي فبيت فيها مع أطفالي يكون كل ركن فيه اختياري هو النعيم المقيم