في الآونة الأخيرة لاحظت انتشار لقب "استشاري" بشكل واسع، لا سيما على منصات التواصل الاجتماعي وفي مجال العمل الحر، وأحيانًا يُطلقه البعض على أنفسهم رغم أنهم لا يملكون سوى عام أو عامين فقط من الخبرة. الملفت للانتباه أن اللقب أصبح في بعض الأحيان مجرد وسيلة لجذب العملاء، حتى وإن لم يكن مستحقًا، مما قد يُسبب ضررًا لمجالات العمل المختلفة، ويُضعف ثقة العملاء في أصحاب الخبرة الحقيقية. فهل اللقب يُمنح بناءً على سنوات الخبرة فقط، أم أن هناك معايير أُخرى يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار؟
كل من يطلق على نفسه "استشاري" هل يستحق اللقب؟
اهلا إسراء، بالفعل نواجه هذه المشكلة يوميا يمنح الناس أنفسهم ألقابا ولا نستطيع أن نعرف ماهي المعايير والمحددات التي مكنتهم من أن يطلقوا على أنفسهم" استشاريين"
بالنسبة لي أشعر أن عدد السنوات الخبرة ليس كافياً لنقول أن هذا يصلح كاستشاري ، ربما الأرقام مثلا عدد المتدربين الذين قام هذا الشخص بتدريبهم، أو عدد ومدى ثقل المؤسسات التي استعانت بهذا الشخص
أتفق معكِ في أن عدد سنوات الخبرة وحده لا يكفي، وكذلك الأرقام قد تكون مضلّلة أحياناً. فهناك من يدرب الآلاف، لكن أثر تدريبه لا يتجاوز الأساسيات أو لا يُحدث فرقاً حقيقياً. أعتقد أن ما يجعل الشخص مستحقاً للقب استشاري هو جودة تأثيره، وعمق معرفته، وكونه مرجعاً فعلياً في مجاله، لا مجرد شخص يكرر ما قيل مسبقاً. التقييم الحقيقي يجب أن يأتي من نتائج ملموسة وشهادات من جهات موثوقة، لا من ألقاب يطلقها الشخص على نفسه.
من نتائج كثرة استخدام هذا اللقب أن أصبح بلا قيمة، لا معنى حالياً أن يضع هذا اللقب أمام اسمه، فالعميل الواعي سيختار الاستشاري المطلوب بناءاً على خبرات أكيدة وامتحان لهذا الاستشاري.
وفي رأيي أن لقب الاستشاري غير مرتبط بعدد معين من السنين، لكن هو الشخص الذي امتلك من الخبرة ما يكفيه أن يجيب عن أي سؤال، ويحل أي معضلة خاصة بالمجال، وكذلك أن يمتلك الثقة في خبرته لدرجة أن لا يفتي في أمور لا يعرفها، بل يمتلك الثقة ليحيل العميل إلى من يستطيع مساعدته حسب تخصصه وماهية المشكلة.
لفتني ما ذكرته عن ثقة الاستشاري في حدود معرفته، فهي صفة قلّما نجدها، وتُعد برأيي من أهم دلائل النضج المهني. لكن ما يُثير القلق أن البعض يستخدم اللقب كأداة تسويقية أكثر من كونه وصفاً لحقيقة قدرته وخبرته. وهنا تكمن المشكلة: حين يُختزل اللقب في مظهر لا مضمون له، يصبح العميل في حيرة بين من يملك الخبرة فعلاً، ومن يجيد فقط تقديم نفسه بصورة مُقنعة. أليس من الأجدى أن يكون هناك نوع من التحقق أو التقييم المهني لتلك الألقاب؟
في رأيي الأهم من التقييم المهني للألقاب هو فاعلية صاحب اللقب في إنجاز المهام.
فالعميل عليه مسؤولية اختيار الشخص المناسب لموضوعه سواء كانت الاستشارة قانونية، أم صناعية، أم مهنية.
على العميل عمل بحث صغير قبل الحديث إلى الاستشاري، فيستطيع من خلال الحديث معرفة إن كان الاستشاري فعلاً على قدر ما يدعي، أم هو مجرد مدّعي.
أمر محير ومستفز للغاية 😅
أعتقد أن الجمهور أو الأشخاص من غير ذوي الخبرة في المجال قد ينبهرون بكلمة أو لقب "استشاري" ويثقون في الشخص وقدراته سريعًا، لأنهم سيشعرون بأن لديه الخبرة الكافية، وبالتالي يتعاملون معه أو يشترون منه، أما الخبراء بالمجال فسيدركون حقيقة الشخص سريعًا أيضًا ولن يخدعوا بسهولة.
ببساطة أعتقد أنها وسيلة أو طريقة تسويق، قد تكون جيدة إذا كان الشخص فعلًا يمتلك القدرات والإمكانيات والخبرات، وقد تكون وسيلة خداع وغش إذا كان الشخص لا يمتلك الخبرة والمعرفة و يسعى لخداع وجذب عملاء باستخدام اللقب.
عن نفسي بعد تسع سنوات من العمل في مجال العمل الحر لم أفكر أبدًا في كلمة استشاري هذه أبدًا.
ما ذكرتِه صحيح، ففعلاً كثير من غير المتخصصين ينخدعون بلقب استشاري ظناً منهم أنه دلالة على خبرة واسعة، وهذا ما يجعل البعض يسعى لاستخدامه كوسيلة جذب وتسويق. لكن المفارقة أن بعض المبتدئين في المجال أنفسهم يعتقدون أن مجرد حمل اللقب يعني التفوق والنجاح، وهذا يخلق صورة مغلوطة عن مسار التطور المهني. وهنا تكمن المشكلة الأكبر، إذ لا يقتصر الأمر على تضليل العملاء فحسب، بل يمتد إلى تشويه مفهوم التخصص والاحتراف، حيث يتحول اللقب إلى مجرد شعار بلا محتوى حقيقي. وهذا بلا شك يؤثر سلباً على مصداقية المجال ككل وعلى احترام الألقاب المهنية الحقيقية.
لكن المفارقة أن بعض المبتدئين في المجال أنفسهم يعتقدون أن مجرد حمل اللقب يعني التفوق والنجاح
تفكير ساذج ويخلو من الصحة والواقعية بالطبع، هل إذا ناديت لأحد "يا دكتور" يصبح هكذا طبيبًا؟!
وهذا بلا شك يؤثر سلباً على مصداقية المجال ككل وعلى احترام الألقاب المهنية الحقيقية.
نعم قد يكون له بعض التأثير السلبي، لكن على العموم أي مجال و أي مهنة فيها الصالح والطالح.
سؤالك جيد للغاية إسراء.
في عملي هناك دكتور جامعي وآخر أستاذ دكتور وآخر طبيب ترك عمله ومهندس وخريج برمجة وخريج سياحة، ومدرسة و.... ألقاب مختلفة للغاية تعمل في فريق أنا على رأسه... لماذا ؟ لأن بيئة العمل ترتب الفريق حسب الخبرة والتأثير والدور الفعال في العمل.
لا أقول هذا للتفاخر ولكن لأنني لست أستاذ دكتور ولست مهندس ولست شيف أو مبرمج ولكن أنا عندي خبرة جعلتني احركهم واكتب تقارير عملهم واتولى مهام التوجيه لهم، ما يشكل الفارق فعلاً هو ما نمتلكه من خبرة ومهارة وما نبذله من جهد وما نحققه من نجاح، ليس اللقب هو من يشكل الفارق.
ولكن للأسف الشديد الألقاب اليوم لم تعد تصدر من جهة رسمية فأصبح سهل أن نجد استشاري سيو لا يعرف أدوات التحليل وأن نجد من أطلق على نفسه لقلب شيخ لا يعرف الوضوء، ومن لقب نفسه بالجينرال يخاف من حجر في يد طفل صغير!
شكرًا على توضيحك وتجربتك في إدارة فريق متنوع الألقاب والخبرات، وهذا فعلاً يبرز نقطة مهمة جدًا: أن الخبرة والمهارة والعمل الجاد هما من يصنعان الفارق الحقيقي، وليس اللقب بحد ذاته. لكن يبقى السؤال المهم: كيف نعيد للمصطلح قيمته الحقيقية؟ خاصة في ظل انتشار ألقاب يُمنحها أصحابها لأنفسهم دون أي معايير واضحة، مما يسبب إرباك للعملاء وللمهنيين على حد سواء. أعتقد أن وجود معايير واضحة وشهادات معترف بها، أو حتى تقييمات موضوعية للأداء، هو ما يمكن أن يعيد الثقة لهذه الألقاب ويُميّز من يستحقها فعلاً عن غيرهم. هل تعتقد أن هذه المعايير ضرورية لجعل لقب استشاري علامة حقيقية على الاحتراف؟
بالطبع سنوات الخبرة عامل مهم، لكنها ليست وحدها ما يمنح الشخص لقب استشاري، فالمعيار الأهم في رأيي هو: هل لدى هذا الشخص ما يُستشار فيه فعلاً؟ ليس كل من قرأ كتابين أو عمل لعام واحد يصبح خبيرًا يُشار إليه، لقب "استشاري" ليس زينة نضعها في السيرة الذاتية أو البايو، بل مسؤولية تتطلب عمقًا في الفهم وتجارب حقيقية ونتائج ملموسة، والمضحك أحيانًا أن اللقب يسبق الإنجاز، وكأننا نضع التاج قبل التتويج.
في الآونة الأخيرة لاحظت انتشار لقب استشاري بشكل واسع لا سيما على منصات التواصل الاجتماعي وفي مجال العمل الحر وأحيانًا يُطلقه البعض على أنفسهم رغم أنهم لا يملكون سوى عام أو عامين فقط من الخبرة. الملفت للانتباه أن اللقب أصبح في بعض الأحيان مجرد وسيلة لجذب العملاء حتى وإن لم يكن مستحقًا مما قد يُسبب ضررًا لمجالات العمل المختلفة ويُضعف ثقة العملاء في أصحاب الخبرة الحقيقية.
فهل اللقب يُمنح بناءً على سنوات الخبرة فقط أم أن هناك معايير أُخرى يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار؟
ربما ما نحتاجه اليوم ليس فقط ضبط الألقاب بل إعادة النظر في كيفية تقييم القيمة الحقيقية التي يقدمها كل مختص في مجاله .
التعليقات