بعض التجارب تترك أثراً طويل المدى، خصوصاً في مجال العمل الحر. عندما يمر صاحب مشروع بتجربة سيئة مع مستقل مثل عدم الالتزام أو ضعف جودة التنفيذ تبدأ مرحلة إعادة التقييم: هل المشكلة في آلية التوظيف أم في سوء التقدير أم في غياب الضمانات؟ البعض يتجه لوضع شروط صارمة، والبعض الآخر يصبح أكثر حذراً في اختيار المستقلين، بينما هناك من يفضل الاعتماد فقط على مستقلين سابقين. من وجهة نظركم كأصحاب مشاريع، كيف غيّرتكم التجربة السيئة وما القرارات أو التغييرات التي طبقتموها بعدها في إدارة المشاريع أو اختيار المستقلين؟
كصاحب مشروع، كيف تؤثر تجربة سابقة سيئة مع مستقل على قراراتك القادمة؟
تجربة سيئة واحدة قد تعيد تعريف طريقة تعاملك بالكامل مع المستقلين. شخصيًا، بعد أول تجربة غير موفقة، توقفت عن الاعتماد على الانطباع الأول، وأصبحت أُركّز أكثر على طريقة التواصل خلال مرحلة العرض، لا مجرد الملف الشخصي.
أهم تغيير قمت به هو وضع إطار واضح جدًا منذ البداية: نطاق العمل، توقيت التسليم، آلية التواصل، عدد المراجعات، وحتى حالات الإلغاء. ليس من باب الشك، بل لضمان أن نبدأ من نفس الصفحة.
الأثر النفسي للتجربة السيئة أكبر من الخسارة المالية، لأنها تهز ثقتك في هذا النمط من العمل، وبالتالي كل خطوة بعدها فيها مقاومة داخلية. لكن الأهم أن نحول هذه التجارب إلى نظام، لا إلى حذر مفرط يعطّل المشاريع.
صحيح أن التجربة السيئة تدفع صاحب المشروع إلى إعادة ترتيب أولوياته ووضع ضوابط أكثر وضوحاً، لكن أحياناً تتحوّل هذه الضوابط من أدوات تنظيم إلى توتر مقنّن. حين يشعر المستقل، منذ اللحظة الأولى، بأن التعامل معه يتم بحذر مفرط أو بشروط تُشعِره بعدم الثقة، فقد يؤثر ذلك على جودة تعاونه حتى لو كان محترفاً. برأيي، التجربة السيئة تحتاج إلى معالجة داخلية أولاً، قبل أن تُترجم إلى نظام صارم، حتى لا نُحمّل كل مشروع جديد تبعات أخطاء سابقة.
التجربة السيئة بالفعل قد تكون مؤلمة لكنها تجعلنا نبني أنظمة أكثر حرصاً فمثلاً قد مرت صديقتي بتجربة مشابهة فأصبحت تقوم بتجربة المستقل في مشروع صغير في البداية إذا شعرت بكفاءة وجدارة المستقل، وليس فقط جودة المشروع بل مستقل شاطر ، يتواصل بشكل فعال ويقوم بالتعديلات المطلوبة، تقوم بالتعاون في مشاريع اكبر مع المستقل.
ثانياً بدأت صديقتي تعدل في أسلوب كتابة الوصف الوظيفي لتحاول كتابته بشكل تفصيلي وتفرض على المستقل وضع خطة زمنية قبل المضي في العمل
أعجبتني فكرة اختبار المستقل بمشروع صغير، فهي خطوة عملية تساعد في بناء ثقة تدريجية. لكن أحياناً، ما بعد التجربة السيئة لا يحتاج فقط إلى إعادة ترتيب الخطوات، بل إلى وعي بطريقة تنفيذها. فالوصف التفصيلي والخطة الزمنية قد يتحوّلان إلى أدوات ضغط إذا كُتبا بروح حذرة أكثر من اللازم. المهم في رأيي ألا يتحول التنظيم إلى تعقيد، وألا يُحمَّل المستقل الجديد عبء أخطاء من سبقوه.
أثناء عملنا في بناء مدرسة كنت اتفقت مع صاحب مطعم أن يأتي بوجبات بعد صلاة العشاء، إلى أن جاء يوم تأخر حتى انصرف العمال وقتها دفعت ثمن الوجبات مرتين مرة تعويض للعمال ومرة لصاحب المطعم، تعلمت بعدها عند اتفاقي على توريد وجبات اتفق على موعد واشترط عدم تحمل عواقب التأخير.
بنفس المنطق في أي طلب حتى في العمل الحر كل خطأ يجب أن ندرس سببه ونخرج منه ببند ينظم الاتفاق القادم ويضمن عدم تكرار الخطأ
لفتني المثال الذي طرحته، وهو يؤكد أن تنظيم الاتفاقات ضرورة لتفادي تكرار الأخطاء. لكن في العمل الحر تحديداً، أحياناً لا يكون الخلل في البنود بل في غياب التفاهم أو ضعف التواصل. بعض التجارب السلبية لا تُعالج فقط بإضافة شروط، بل تحتاج إلى اختيار أشخاص يفهمون طبيعة العمل ويتعاملون بمرونة ووعي. فالعبرة ليست بكثرة البنود، بل بوجود طرفين يتشاركان نفس الرؤية والالتزام.
كمستقل، أتفهم تماما إحباط أصحاب المشاريع بعد تجارب غير موفقة، لكن من تجربتي، أحيانا يكون سبب التعثر هو غياب التواصل الواضح من البداية أو توقعات غير معلنة كثير من المشكلات تحل لو تم تخصيص وقت كاف في البداية لفهم المشروع، تحديد الأهداف، ووضع إطار زمني واقعي.
تجربتي علمتني أنني كمستقل مسؤول أيضا عن إدارة العلاقة، ليس فقط تنفيذ المهمة، وهذا يشمل طرح الأسئلة الصحيحة، طلب التغذية الراجعة في الوقت المناسب، وتقديم حلول لا أعذار. التحديات موجودة، لكن لما يكون الطرفان واعيين ومهنيين، حتى التجربة السيئة ممكن تتحول لفرصة لتحسين آليات العمل.
أتفق معك على أن التواصل الواضح منذ البداية يعد من أهم عوامل نجاح أي مشروع. كمستقلة، أحرص دائمًا على توضيح جميع التفاصيل وطرح الأسئلة التي تضمن وضوح التوقعات بيني وبين صاحب المشروع. ومع ذلك، فإن وجود آلية واضحة لدى صاحب المشروع لاختيار المستقلين وتحديد المتطلبات بدقة يسهل كثيرًا من سير العمل ويعزز فرص النجاح. إن التعاون والشفافية بين الطرفين هما المفتاح لتجنب التجارب السلبية وتحقيق أفضل النتائج.
التعليقات