مررت بفترات كنت أُنجز فيها عدداً كبيراً من المهام، لكن حين أنظر للنتائج، لا أجد الأثر الذي يناسب هذا الجهد. كنت أظن أن كثرة العمل تعني التقدّم، إلى أن بدأت أُراجع طريقتي في التخطيط. اكتشفت أن التركيز على الكم وحده يستهلك الوقت والطاقة، دون أن يضمن الوصول لأهداف حقيقية. في المقابل، حين بدأت أُخطط بذكاء، أُحدد الأولويات وأربط كل مهمة بهدف واضح، أصبح الإنجاز أقل عدداً، لكنه أكثر أثراً. لذا، كيف نُخطط بذكاء لا بكمّ، لنُحقق نتائج حقيقية دون استنزاف؟
كيف نخطط بذكاء لا بكمّ؟
بالفعل الإنجاز ليس بعدد المهام بل بقيمتها، أحيانا نقع في فخ"النشاط الزائف" عندما نجد أنفسنا نقوم بالكثير من المهام لكن في نهاية اليوم عندما استرجع يومي أجد أن المحصلة صفر، كل ما قمت به لم يقربني من أهدافي ولو بمقدار خطوة واحدة!!
لذا لابد من ربط المهام بالأهداف، لتقليل الجهد المهدر بلا فائدة.
بالفعل حديثك أعادني إلى تلك الفترات التي كنت أتنقّل فيها بين المهام دون توقف، ظنًّا مني أن كثرتها تعني تقدماً. لكن مع نهاية كل يوم، كنت أُدرك أنني لم أقترب من أي هدف حقيقي، فقط شعور بالإرهاق ونتائج باهتة. حين بدأت أُغيّر أسلوبي، وأربط كل مهمة بهدف واضح، تغيّر كل شيء. قلّت المهام، نعم، لكن أثرها بات أعمق، وشعوري بالإنجاز أصبح أكثر صدقاً وراحة.
نخطط بذكاء حين نكتسب خبرة أكبر في العمل، التخطيط عملية مستمرة لا تتوقف ويجب أن نطور الخطط كل حين وإلا سنخسر الوقت والجهد، لذلك من المهم إلقاء نظرة فاحصة على العمل كل فترة، نظرة متأنية ترى الصورة الأكبر لمخطط الجهود مقابل الأثر الناتج عن هذه الجهود في تحقيق الأهداف، ومن تقييم ذلك نضع الخطط الجديدة..
صدقت، مراجعة الخطط بين الحين والآخر تُعد ضرورة لا رفاهية، لأننا أحيانًا نستمر بتنفيذ مهام وُضعت في وقت لم تكن فيه الصورة واضحة بما يكفي. شخصيًا، لاحظت أن مجرد تنفيذ الخطة دون التوقف لتقييم الأثر يجعلني أُعيد نفس الجهد بلا تقدم حقيقي. أحياناً كل ما نحتاجه هو لحظة تأمل نُعيد فيها ترتيب الأولويات لنستعيد الاتجاه الصحيح.
أظن أنك ذكرتي حل جيد للغاية، ولكن بنفس الوقت لا أرى المشكلة أو حلها قابلة للتعميم على أي تجربة عمل، فأنا مثلاً مكلف بكتاب ملف مشروع يتطلب مني دراسة كل تفصيلة عنه هنا لا مفر من الجهد وتعدد المهام وإلا ستكون النتيجة كارثية.
أحياناً تكون رفاهية التخطيط غير موجودة فكرة توفير الجهد كذلك غير موجودة وكأن نموذج ما نعمل عليه نموذج جامد لا يقبل التلاعب للتخفيف أو تسريع الوقت، لكن بشكل عام أنا مقتنع أن العمل بذكاء أفضل من العمل بجهد، لكن ليس بكل الحالات
أتفهم تماماً ما ذكرته، فبعض المهام بطبيعتها تتطلب تفصيلاً وجهداً لا يمكن اختزاله، خاصة حين يكون العمل حساساً أو دقيقاً كما في حالتك. لكني أرى أن التخطيط بذكاء لا يعني بالضرورة تقليل الجهد، بل حسن توجيهه، بحيث لا نُشتت أنفسنا في مسارات جانبية أو مهام غير ضرورية. حتى في المهام المعقدة، وجود رؤية واضحة وتقدير سليم لأولويات العمل يمكنه أن يُخفف من التوتر، ويجعلنا ننجز بتركيز أكبر، لا بسرعة أقل.
طرحك فيه تحول ذهني مهم من ثقافة الكم إلى ثقافة الأثر. وهذا الانتقال لا يحدث بسهولة، لأنه يتطلب شجاعة في التخلّي عن المهام التي تمنحنا شعورًا زائفًا بالإنتاجية. أحيانًا نُنجز كثيرًا لنُسكت ضميرنا، لا لأننا فعليًا نتحرّك نحو هدف.
الخدعة تكمن في أن بعض المهام تبدو مهمة فقط لأنها متكررة أو عاجلة، لا لأنها تخدم هدفًا طويل الأمد. وهنا نحتاج لمهارة فلترة المهام، أي تصنيف ما يُفيدنا فعلاً، وما هو مجرد إلهاء
صحيح أكثر ما يُربكنا أحياناً هو أن الإلهاء لا يأتي دائماً في صورة لهو، بل يتخفّى في مهام تبدو ضرورية. شخصياً، لم أُدرك هذا التحول إلا بعد أن لاحظت أنني أُنهي يومي مرهقة، دون أي تقدّم حقيقي نحو أهدافي. الأمر كما ذكرت، يتطلب شجاعة لنتوقف ونسأل: هل ما أفعله الآن يخدمني فعلاً؟ أم أنه فقط يُشعرني أنني مشغولة؟ الفلترة لا تبدأ من تنظيم الوقت فحسب، بل من فهم الذات وما تُريده حقاً.
ولكن هناك مشكلة تقابلني بهذا الشأن :
إلى أن بدأت أُراجع طريقتي في التخطيط. اكتشفت أن التركيز على الكم وحده يستهلك الوقت والطاقة، دون أن يضمن الوصول لأهداف حقيقية.
فأنا شخص شغوف دوماً بتجربة أشياء جديدة وسريع الملل لذا أقوم أحياناً بتعديد الأهداف التي أعمل عليها حتى لا أشعر بالملل ، فتنويع الأهداف قد يبدد علي الشعور بالسأم نحو هدف واحد مستمر أقوم به (صحيح أن عيوب ذلك أن الهدف قد يمر عليه وقت كبير جداً لتحقيقه) لكن يضمن لي تجديد الشغف نحو هذا الهدف ... فتوزيع تلك الأدوار يجعل من السهل أن أكون مشغول بإنجاز وتعلم مهام مختلفة تساعد بشكل مؤكد في زيادة خبرتي ((رغم إنها قد لا تجعلني أيضاً خبير بدرجة محترف في كل المجالات)) لكنها تصنع وعي كافي ، ومؤخراً أحاول تطوير تلك الاستراتيجية بشكل يجعل الأهداف نفسها ليست بعيدة عن بعضها البعض .. فمثلاً أنا أخترت التخصص في صناعة المحتوى ، فهذا يجعلني مثلاً أدرس الكتابة بكل أشكالها والتصميم بكل أشكاله ، وأتخصص في مجال الكتابة كمجال أساسي وأتفرع منها لباقي المجالات .. لذا عندما أشعر بالسأم مثلاً من الكتابة ألجأ للتصميم أو المونتاج أو التسويق الإلكتروني وهكذا.
التعليقات