في بداية مسيرتي المهنية، عملت مع عميل شديد الصعوبة، وكان التعامل معه يستنزف الكثير من طاقتي وجهدي، لكن رغم التحديات اكتسبت من هذه التجربة مهارات لم أكن أتخيل أنني سأحتاجها لاحقًا، مثل الصبر وإيجاد الحلول السريعة، والتواصل بفعالية تحت الضغط، وهذه التجربة ساهمت في تطوري بشكل كبير، لكنني كثيرًا ما أسأل نفسي: هل كانت هذه الخبرة تستحق التأثير على راحتي النفسية؟ برأيكم هل تفضلون خوض مثل هذه التحديات للحصول على الخبرة أم أن الراحة النفسية تأتي أولًا؟
العمل مع عميل صعب للحصول على الخبرة أم أن الراحة النفسية أولى؟
في العمل الحر سأقبل بالتأكيد لأنه سيكون مشروع وينتهي، ليست وظيفة هي، وبالتالي سأتعلم أمور ربما لا تأتيتي فرصة بعد ذلك لاغتنامها والحصول عليها في مدة قصيرة، بالنهاية وقت وسيمر، فبأي مكان عمل وارد أن تكوني تحت اشراف مدير صعب، ماذا ستفعلين، هل ستسقيلي بسببه، ربما لو طال الوضع، لكن في الطبيعي ستتأقلمي حتى تكتسبي خبرة أكبر.
صحيح العمل الحر يتيح الفرص لاكتساب الخبرة في وقت قصير، لكنني أرى أن التعامل مع عملاء صعبين قد يترك أثر نفسي سلبي يمتد حتى بعد انتهاء المشروع، وليس كل تجربة صعبة يمكن تجاوزها ببساطة، فهناك مواقف تضغط على صحتنا النفسية وتؤثر على أدائنا العام، مما يجعل من المهم أحيانًا رفض مشاريع معينة أو وضع حدود واضحة لحماية أنفسنا، لأن العائد المادي أو الخبرة لا يعوضان دائمًا الضرر النفسي الذي قد ينتج عن التعامل مع عميل مرهق أو استغلالي.
الإجابة تعتمد على نوعية العميل والمشروع، لكن لو أن أحدًا يسألني إجابة قاطعة منتهية سأقول أن الراحة النفسية دائمًَا يجب أن تأتي أولًا، لأن الراحة النفسية هي مصدر استدامتك في جذب هؤلاء العملاء وغيرهم في الأساس.
أوافقك تمامًا، فالراحة النفسية هي العمود الفقري الذي يعتمد عليه النجاح والاستمرار في العمل، وبدونها قد يتأثر الإبداع والإنتاجية بشكل مباشر، وهذا بالطبع ينعكس سلبًا على قيامنا ببناء علاقات مهنية قوية وجذب المزيد من العملاء على المدى الطويل، لذلك الحفاظ على التوازن النفسي يجب أن يكون له الأولوية دائمًا.
نعم في حال كنت مضطر جداً، ولكن ليس عبر منصة رسمية وسيطة تضمن حقي! ستسألين باستغراب ولكن لماذا؟ ربما أكون أنا أكثر من يشجّع استخدام المنصّات الوسيطة لحماية حقوق المستقلين، مثل: موقع مستقل - ولكن في هذه الحالة بالضبط أخاف من احتمالية التقييم السيء المرجّحة عندي وهذا قد يسبب لي نزول في معدّل التقييمات عندي الممتاز وقد يؤثّر على فرصي القادمة في تحصيل فرص مستقلة، ولذلك لن أغامر معه وخاصة إن كان المستقل يملك سجل حافل بالتقييمات الممتازة.
ولكن في هذه الحالة بالضبط أخاف من احتمالية التقييم السيء المرجّحة عندي
أنا أيضاً لدي ما يشبه الفوبيا من التقييم السلبي لدرجة جعلتني أخسر الكثير من العملاء المحتملين لتجنب أي تقييمات سلبية خاصة بعد النجاح على المنصات ووجود الكثير من التقييمات الإيجابية من العملاء، فحتى الآن تواجهني تلك المشكلة وأرى أنني بحاجة إلى دافع أكبر وثقة بالنفس تساعدني على التعامل مع أي عميل سواء قديم أو جديد دون خوف.
ربما قد أنجزت أكثر من ٥٠ مشروع ولازال هذا الأمر يتملكني وربما هذه الفوبيا كما اسميتها هي بسبب المغالاة الكبيرة التي يقوم بها صاحب المشروع حين يتصفح المستقلين الذين يريد العمل مع واحد منهم، بأنه بمجرد ما لمح تقييم سلبي يتجنّب التواصل مع الشخص! وبالمناسبة هذه الفوبيا أيضاً لها علاقة بالشركات أيضاً، كثيرة هي الشركات التي تخاف من التقيمات السلبية ولذلك تعمل على إزالتها عبر تقديم هدايا وإرضاء للعميل.
وبماذا ستنفع الراحة النفسية بدون خبرة وتطور مستمر ؟ عن نفسي سأختار العميل صعب الطباع طالما سأخرج من عملي معه بقدر من الخبرة والمنفعة، ولكن بمجرد أن أحصل على ما أريد فلن أستمر معه، وهذا يعني أنني حريص على راحتي النفسية ولكن ليس قبل نجاحي
عليك أن تكون حذرًا أكثر لأن الراحة النفسية ليست خيارًا يمكنك التضحية به من أجل اكتساب الخبرة فقط، صحيح أن العمل مع عميل صعب الطباع قد يبدو مغريًا لتحقيق مكاسب قصيرة المدى، ولكنه مع مرور الوقت قد يؤدي إلى استنزاف طاقتك بشكل تدريجي، وهذا لن يضعف فقط كفاءتك في أداء عملك، بل قد يفقدك الشغف والطموح الذي تحتاجه للاستمرار والتطور، فالنجاح الحقيقي لا يتحقق فقط بالخبرة، بل يتطلب بيئة عمل تعزز إنتاجيتك وتحافظ على توازنك النفسي والجسدي.
أنا أتحدث عن خبرة 18 عام .
لكل بداية تضحيات . وطريق النجاح ليس معبد بالورود .
والخبرة تكتسب مع الوقت ومع التعامل مع الأخريين بغض النظر عن سلبياتهم أو ايجابياتهم .
للوصول الى الحرية المالية والاستقرار المادي علينا ان ندفع الثمن من طاقتنا ووقتنا ومشاعرنا وصحتنا النفسية والبدنية لفترة زمنية معينة كي نحقق أهدافنا .
لكن أين يكمن السر ؟
السر والنجاح الحقيقي هو تقليص تلك الفترة الزمنية .
فهناك من يملك الخبرة التي تمددت الى أكثر من 20 عام ومازال يرضخ للأخرين رغم خبرته بسبب ضعف ثقته بنفسه وضعف شخصيته وخوفه من المجهول
وهناك من استطاع ان يتحكم بزمام إموره وأثبت وجوده وقدر ذاته فرضخ له العالم .
هي فلسفة قلة من يفهمها
التعليقات