ما سأخبرك به قد يبدو تقليدياً، وربما سخيفاً، لكنه أحد مفاتيح النجاح التي ذكرها «فرانك بيتجر»، الذي عنون إحدى صفحات كتابه «كيف تصل إلى النجاح والثروة في عملك؟» بنفس عنوان هذا المقال تقريباً (على أساس هو سارق مني العنوان!).

بدأ بيتجر حياته العملية باحتراف لعبة البيسبول، لكنه عام 1907م تلقى أكبر صدمة بحياته، حين طُرد من الفريق بحجة أنه كسول. وكان آخر ما سمعه على لسان مدربه: «إنك تجر نفسك في الملعب كأنك لاعب مخضرم قضى في اللعبة عشرين عاماً».

كان فرانك يتقاضى 175 دولاراً شهرياً، وبعد طرده انضم لفريق جديد حيث دفعوا له 25 دولاراً شهرياً. وطبيعي أن مثل ذاك الأجر كان كفيلاً بقتل أي حماس، لكنه صمم على أن يشتهر بوصفه أكثر حماساً من أي لاعب رآه الفريق.

ومن حينها، لعب وكأن به مسّ من الكهرباء، فكان لنشاطه ذاك أثر السحر، حتى إن إحدى صحف نيوهافن الكبرى كتبت: «هذا اللاعب الجديد بيتجر شعلة من الحماس. لقد ألهب فتياننا حماساً فلم يربحوا فقط، بل بدوا خيراً من أي وقت آخر».

ولم تمضِ عشرة أيام، حتى انتقل من تقاضي 25 دولار شهرياً إلى 185 دولاراً. يقول بيتجر: «لا شيء غير العزم والتصميم على العمل بحماس هو الذي زاد دخلي في عشرة أيام... ماذا حدث؟ الحماس وحده ولا شيء غير الحماس».

شاركتكم هذه القصة لأنني جربت تطبيق نصيحة الكاتب، فأثمر الأمر عن تغيير كبير على صعيد الحياة الشخصية والمهنية. هذا المقال مثلاً، دفعت نفسي لإعداده بوقت كانت حماستي لكتابته تساوي صفراً. لكن بعد دقائق من إلزام النفس بصياغته كما لو كنت متحمساً حقاً، شعرت بحماسة فعلية حتى أنهيته بنجاح. والآن أنا سعيد بمشاركتكم هذه الاستراتيجية المفيدة.

بالطبع، لا توجد حلول سحرية وسريعة لكل موقف، لكن غالباً ما نشعر بإرهاق جسدي أو عوائق نفسية خادعة. يمكننا تجاوز مثل هذه العقبات بالتصرف كما لو كنا متحمسين بالفعل. ألاعيب العقل اليومية الرامية إلى إبقائنا ضمن منطقة الراحة لن تتوقف طالما نحن نتنفس، لكن بوسعنا التحايل عليها لإيجاد ذاك المخرج الذي يقودنا إلى حيث نريد.

هل شاهدت طفلاً يحمل لعبة جديدة؟ الحماسة، البريق في عينيه، والطاقة التي لا يمكن احتواؤها؟ الآن، تخيل توجيه نفس الطاقة نحو عملك اليومي. عندما تعمل بحماس، فإن الأمر يشبه ركوب الموجة بدلاً من السباحة ضد التيار.

إذا كنت ملزماً بأداء عمل معين، فالأفضل أن تؤديه بشغف بدلاً من إهماله. لا أقصد بذلك أن تقبل بعمل أو وظيفة لا تحبها طيلة العمر، بل أعني أن ما أنت ملزم به حالياً لظروف معينة، افعله بحماسة طالما أنه يصب في مصلحتك ومصلحة الآخرين.

عن تجربة شخصية، ستدهش من نتائج هذه الطريقة البسيطة. لكن، احذر من إهمال الإشارات النفسية أو الجسدية التي تنبئك بضرورة اتخاذ إجراء معين، أو أخذ قسط من الراحة، وفي الوقت ذاته حاول التمييز بين الإشارات الحقيقية والخادعة.

ليس من الضروري أن يكون العمل شاقاً ومضجراً؛ اجعله مغامرة مثيرة وممتعة. ففي النهاية، وكما يقول المثل المعروف: «اعثر على وظيفة تحبها، ولن تضطر إلى العمل يوماً واحداً في حياتك». حتى لو لم تصل بعد إلى حيث ترنو، فإن العمل بحماس يمكن أن يقربك خطوة نحو حلمك. لذا، استعد، وارتدِ قبعة الحماس تلك، وحوّل يوم عملك إلى مغامرة غير عادية.