بالرغم من المزايا العديدة التي تعود علينا كمستقلين من العمل الحر إلا أنه يوجد مشكلة بالنسبة لي لا أتمكن من حلها، فبعد أن كنت شخصًا اجتماعيًا بامتياز أصبحت منعزلة، إذ أجد نفسي فجأة بعيدة عن الجلسات العائلية والأصدقاء حتى زملاء العمل والدراسة السابقين، ويصيبنا جميعًا الحنين إلى دقائق تجمعنا بمن نحب دون الخوف من أن يفوتنا موعد عمل أو تتأثر أرباحنا وعلاقاتنا مع العملاء بشكل سلبي، فكيف إذن يمكننا التعامل مع حياتنا المنعزلة كمستقلين؟
كمستقلين، كيف تتعاملون مع الحياة المهنية المنعزلة التي يفرضها العمل الحر؟
هذه معاناة مشتركة وهي من ضرائب العمل الحر بالتأكيد، شخصيا أحاول دائما تخصيص وقت محدد للعمل، أي انني أتعامل مع العمل على اساس أنه دوام يتحدد بساعات محدد من اليوم، أو تخصيص فترة الراحة بالنسبة لي للعمل، مثلا فترة الظهيرة حيث يكون الجميع في دوامه، ومن في المنزل يأخذ قيلولة الظهيرة لذلك أستغل هذه الفترة للعمل، وهذا الاختيار يكون كضرب عصفرين بحجر واحد، فأنا أستغل فترة الهدوء هذه للعمل لأنها تساعدني على التركيز بشكل أفضل، ومن جهة أخرى أجد نفسي متفرغة تماما للتجمعات العائلية بعدها، كالخرجات والزيارات وغيرها.
أعتقد أن هذا الأمر ليس فقط في العمل الحر و إنما حتى في العمل العادي، بحيث ستصبح مقيد بوقت العمل و بالتالي سيكون لديك فقط أصدقاء العمل، كما أنه يوجد في العمل الحر أصدقاء العمل، و بالتالي من إعتاد على الوظيفة العادية لن يجد مشكلة في العمل الحر، أما إذا كانت هذه أول مرة له في العمل فبالتأكيد سيرى هذه المشكلة.
أعتقد أن هذا الأمر ليس فقط في العمل الحر و إنما حتى في العمل العادي
هذا حقيقي بالفعل فعندما نبدأ حياة العمل بصفة عامة بجانب مسئوليات الأسرة فنادرًا ما نجد وقت فراغ سوى الإجازات الرسمية ومعظمنا يشغلها أيضًا، أصبح مسألة التواصل والتنزه ووقت العائلة قليلًا بالفعل، لكن لا يزال لدي أمل بإيجاد حل من خلال تنظيم الوقت وإدراج وقت العائلة والتواصل ضمن الأولويات، وتحديد وقت معين للعمل، وألا يشغل تفكيرنا في وقت الراحة.
هذا يحتاج لتحديد تأثير كل فعل نقوم به على حياتنا وسنجد أن جميع الجوانب مرتبطة ببعضها وتغليب جانب وإهمال الجوانب الأخرى وإن حقق استفادة الآن لكنه مستقبلا سيأتي بنتائج عكسية.
في كتاب العادات السبع مناقشة رائعة لهذا الأمر واقتراح جدول يساعد على التنظيم. هل سبق وقرأتي الكتاب يسعدني مشاركتك تجربتك
من إعتاد على الوظيفة العادية لن يجد مشكلة في العمل الحر، أما إذا كانت هذه أول مرة له في العمل فبالتأكيد سيرى هذه المشكلة.
لا أعتقد أن هناك فرق بين من جرب العمل من قبل أو من يعمل لأول مرة، ففي جميع الأحوال سيواجه المستقل أو الموظف هذه المشكلة وسيجد نفسه يغوص في العزلة الاجتماعية دون أن يشعر، إلا إذا كان يضع خطة محكمة تساعده على تحقيق التوازن بين الحياة الاجتماعية والعمل.
هذا لأن البعض ينظر للأثر الحالي فقط سلبا أو ايجاباً ولا يضع في اعتباره التأثير البعيد أتذكر أني اطلعت على احصائية للذين وصلوا لمرحلة متقدمة جدا في العمر من مختلف الطبقات تم توجيه سؤال لو رجع بك العمر ما الشيء الذي كنت تود الزيادة منه بعضهم قال التعلم بعضهم قال السفر لكن أكبر النسبة كانت في قضاء الوقت مع الأهل وعلاقات المودة مع الناس.
في جدول جميل في كتاب العادات السبع يقارن بين أثر الأشياء ويضع لها جدول قد يفيد في عملية تحقيق التوازن التي ذكرتيها. هل سبق واطلعتي على هذا الجدول؟
إذا كنا صارمين مع أنفسنا، في أخذ يوم أو يومين في الأسبوع أجازة، ولم نترك مهام العمل تتسع وتنتشر في أسبوعنا كله، فأعتقد أننا يمكن أن نملأ تلك الأجازة بالتواصل مع الأصدقاء والجلوس مع الأهل وزيارة الأقارب والنزهة، نحتاج فقط للالتزام بذلك حتى لو كان يومًا واحدًا، فسنتمكن من خلاله من شحن طاقتنا، وإشباع حنيننا للاجتماعيات.
نحتاج فقط للالتزام بذلك حتى لو كان يومًا واحدًا، فسنتمكن من خلاله من شحن طاقتنا، وإشباع حنيننا للاجتماعيات.
ممتاز، ولكن هل تعتقدي أن يومًا واحدًا سيكون كافيًا؟ أعتقد أن وجود فترات من الراحة بين الأعمال المختلفة بشكل يومي سيكون الأفضل للحفاظ على الطاقة على مدار اليوم، وتجنب الشعور بالخمول نتيجة تكدس الأعمال.
برأيي يمكن اعتبار هذه العلاقات الاجتماعية كجزء من العمل كاستلهام الأفكار أو أخذ الأراء وبحسب طبيعة كل عمل ومجاله. أو أن يحيط المرء نفسه بأشخاص في مجاله يفيدهم ويستفيد منهم ويرمي عصفورين بحجر واحد منها يحافظ على اجتماعيته ويخرج من جو العزلة ومنها يطور نفسه في مجاله
أتوقع أن هذا الأمر سوف يتم حله قريبا بالتوسع في جعل الواقع الافتراضي والميتا فيرس في متناول الجميع. مع ذلك لو تكلمنا عن الوقت الحاضر فمن قال أن العمل الحر عزلة؟ بالعكس فهو تحرر فيمكن للشخص أن يعمل في أي وقت وأي مكان شاء لكن المستقل نفسه هو الذي يحيط نفسه بهالة من العزلة ثم يضع العبء على نظام العمل أو توقيتاته.
التعليقات