الرسام هو من يرسم الأشياء جاعلا لها صورة على سطح ما.
إذن,هو نوع من فنون التصوير,التي تعمل على نقل الصور أو تخليقها أمام البصر. في الواقع,أنا أرى أن الرسم يشمل كل فنون التصوير ما لم يكن المسطح ثلاثي الأبعاد (كما في النحت والعمارة والتصميم) أو حركي (كما في المسرح والسينما).
الكاتب هو من يكتب نصا,الكتابة مثل الرسم,هو نوع من التصوير ملتزم فقط برسم الخطوط المتفق عليها لغويا لتكوين الكلمات وعرضها أو نشرها بصريا على الصحف أو الأسطح والواجهات.
ولكن الكتابة كما هو معلوم تستند إلى منظومة لغوية متفق عليها كما أكدنا في تعريفنا لها, وهذا يعني بالضرورة نوع من التسهيلات الواضحة والموضوعة قصدا لتيسير عملية الكتابة على الطفل قبل القارئ لما يعنيه ذلك من أثر واضح على النمو المعرفي المجتمعي والتقدم الحضاري. نحن يمكننا كتابة الحروف بسهولة بواسطة القلم أو أي تقنية أخرى قلمية أو حبرية أو حاسوبية. ما يترك أفعالا مثل النقش والتحبير محصورة حكرا بين أيدي الرسامين.
هذا هو الفارق العظيم بين الكاتب والرسام,الأول لا يحتاج إلا إلى اشتغال ذهني معرفي غير جسدي بالضرورة,على عكس الرسام الذي يلزمه في المقام الأول نوع من الحرفية اليدوية التي قد لا يحتاج معها إلى أي اشتغال معرفي حتى يتكسب من حرفته. وهذا هو سرّ الخلاف التقليدي بين كل من هو كاتب ورسام,فالأول يحسب الأخير مجرد حرفي يتقاضى مقابل أن يقوم بعمله,ولا دور للفن هنا. مع أن الكاتب هو الآخر,ليس أكثر من موظف,تسامى بوظيفته في فترات متأخرة من العصر الذهبي الصناعي الإسلامي ثم الأوروبي. وهذا ما يؤكده اليوم ظهور كل هذا العدد الغفير من الكتاب الذين يحسبون أنفسهم أدباء وهم لا يزيدون عن أن يكون كتبة لتحصيلات عداد النور أو أي نوع من إيصالات البيع. هم يبيعونا الوهم. على الجانب الآخر,ليس كل من يجيد الرسم فنانا,الفن يحتاج حقا إلى اشتغال فكري لأنه أرقى وسيلة للتعبير عن الأفكار,وينظّر نقاد العلاماتية والتأويلية لاعتبار المصورين مفكرين ولكن اختاروا قنوات مغايرة للتعبير عن أفكارهم,وهذا لازال محل جدل إلى الآن,ولكن المؤكد أن الفنان لا يجب أن يكتفي بمجرد كونه مؤدي أو ناقل للنص,وهذا ما يثبته عدد كبير من الرسامين في الفن التشكيلي والأدب المصور,ممن يبدعون أفكارهم بأنفسهم دون الحاجة إلى أي كاتب,إلا إذا كان الرسام معترفا بقدر الكاتب نفسه. وإلا فإن الرسام نفسه هو الآخر مجرد رسام آخر. وهذا هو ما تؤكده تقنيات الرسم بالذكاء الاصطناعي والتي شهدت تطورا كبيرا مؤخرا. فهي تظهر الرسام الحقيقي من ذلك الذي يتعامل مع الرسم مثل أي كاتب لا يجيد في عمله سوى استعمال بعض الحروف الرسومية والقوالب الجاهزة للرسم في حال التصوير الحاسوبي,أو للكتابة.
مع ذلك,ومع وجود كاتب مثلي يقدر الرسام حق قدره ولا يغتر بنفسه عليه,من المؤسف حقا أن أعاني أنا معهم ويهزئون هم بي. وأنا حين أقول أنا,لا أقصد ذاتي كحالة مفردة,فربما يوجد غيري. وحين أقول هم,فلا أقصدهم جميعا,ولكن أقصد جميع من تواصلت معهم.
وهم أكثر من ألف رسام,ومن حسن الحظ أنني احتفظ تقريبا بجميع مراسلاتي الرقمية وأغلبها فيسبوكية,وربما لاحقا أعمل نشرة بأسماء هؤلاء الجميع,أو الجمع الذي رفضني وعاملني بسوء إلا من رحم ربي.
وكان بي من الكبرياء ما يكفي لكي يقيني شرّ التسول إلى أحد. مع ذلك,لطالما رغبت أن أقول لك من لم يمد لي يد المساعدة,من كاتب أو ناقد أو رسام,أرجوكم. حاليا ومع أن حالي المادي متخبطا إلا أنني ورغم جوعي أضع كل أموالي في مشروع لازال قائم ولا أتكسب منه,فقط أنفق وأنفق أكثر كمن يخشى الجوع الأبدي (أم يفترض العكس!). ولكن لا أقصد ولم أقصد قط الجانب المالي لحاله,بل وكنت أنبذه حتى حسبني كل من عرفني أكره تماما فكرة المال,وأنا لا أكرهها ولكني كنت في السابق غير مهتم بها البتة.
وحتى اليوم,لا زلت أطلب أي خدمة بالمجان,ودون أي وعد بمقابل في المستقبل,فقد أسرفت في الكثير من الوعود سابقا. وحين كنت أخجل فقط من مجرد التفكير في التربح من قلمي أو أنني ربما أكون لا أكتب إلا للكتابة,لم يتحرج أحد كاتبا أو رساما من التأكيد على امتهانه تلك الموهبة مهنة حتى أهانوا الأدب والفن معا والله. ومع ذلك,لا يوجد إهانة لمن قصد التربح وفيه شيء من موهبة,وهذا ما بدأت أتعلمه مؤخرا منذ عامين أو ثلاث,وتأكيدا على كلامي يخبرني صديق لي أنه ليس من المعيب طلب الهدية أو الشيء بالمجان. حتى في التجارة,لأن التجارة أشكال عديدة,خص منها حسب تصنيفه هو ثلاث؛البيع والتبادل والإهداء.
لنركز قليلا على الإهداء لأن فيه أساس اقتصادي,فكما نعلم التجارة قائمة على ميزان (العرض والطلب) لذا يلزم أن يكون هناك عرض كي يكون هناك طلب. والعرض في العادة يكون عبر إحدى وسيلتين؛عرض ذاتي حين يشعر المستهلك بحاجته إلى المنتج,مثل الجوع لتناول الطعام,أو حتى الحاجة إلى قراءة كتاب والمنبثقة من دوافع اجتماعية غير عضوية. وإما أن يكون تعريفا من مقدم المنتج / الخدمة نفسه بمنتجه,هذا ما تفعله شركة كوكاكولا دائما أثناء تقديم مشروبها الشهير.
هذا بالنسبة للشركات الكبيرة,بينما الجهود الفردية,هي محصورة دائما بإطار تلتزم به,فما الذي سيعرف الناس بفنان إلا إذا قدم فنه. وحين يأتيني رسام جائع للمال,كي يطعم نفسه أو أولاده,الله معه,ولكنه هنا مجرد موظف يمتهن مهنة,حتى لو كانت مهنته ضمن تصنيف (الأعمال الحرّة). أنت تضنى بفنك على الجمهور,وعلى أي استثمار جيد من أديب أريب مثلي أو مثل غيري,هذا أولا. وثانيا لن أعطيك أموالي ما لم أرى بعيني. وصدقني,أنت حين تقول لي انظر إلى أعمالي الأخرى مع فلان أو علان,فأنت تقدم لي,بشكل أو بآخر,أعمال هذا الشخص,لا أعمالك أنت,ولا أعمالي أنا التي أريد أن أرى نتيجتها حين تخرج من بين يديك. وحتى لو أبهرتني بها,فما يدريني أنك ستكرر الكرة معي أو تعطيني شيئا على نفس المستوى!. طالما أنت تبخل عليّ بوقتك وجهدك,فأنا أولا لم أبخل بوقتي ولا جهدي حين قدمت أفكاري مع وعد بتقاسم أي أرباح,مع ذلك,أنا لا يجب أن أكون كريما إذا كنت سأدفع طالما لم أحظى بفرصة لأرى بعيني ما ستقدمه لي. إذا كنت لا تريد أن تعمل بالعمولة ويكون لك حتى أجر رمزي مع أجر نسبي من الأرباح,فيمكنك على الأقل طالما تصرّ على التكسب والبيع بالقطعة أن تقدم لي أول قطعة بالمجان. وأنا كنت أصرّ على مجانية مطلقة مع صلاحية تُعطى لي لتوظيف القطعة كيفما أشاء. وربما كان هذا هو أساس الخلاف الذي حسبني به البعض محتالا. مع أن جميع الرسومات المهداة لي منذ سنوات و حتى الآن لم أتربح منها أو أتقاضي عنها جنيه واحد قط,ولا قرش أو سنت أو أي عملة كانت. يا إلهي وأنا في تجارتي تتأخر الأموال عندي بالأيام والشهور والسنين والله. ولكن يرد المال إلى أصحابه. ولكن هنا,في حالتنا هذه,لا أعلم من صاحب إشاعة إني محتال التي انتشرت بين عدد من الرسامين حتى أن أحدهم كان يتوقع وكان ينتظر قدومي (مراسلتي له). وقال لي بما معناه (بالبلدي ما عندنا حاجة بالمجان يا ريس).
وكنت أحتاج تجربة رسومية رائدة أو على الأقل مجانية ومشحونة بالشغف,وقد تعثرت في العديد من المواهب الحقيقية والتي مع الأسف كان تفكيرها مادي بشكل شبه صرف. وحتى من عرضت عليه مال مدفوع مقدما,مع نسبة من الأرباح,أظهر البعض امتعاضا وتأكيدا على تعاملهم بالقطعة,وأي شيء آخر الله يرزقك,فلم أنجح في توليد أي حماسة تجاه أعمالي. ولا حتى بتكرار عرضي للقراءة,مجرد القراءة وإبداء الرأي دون أي ضرورة للرسم طالما لا تريد عزيزي الرسام ولكن لا فائدة. والمواقف عديدة تحتاج إلى تفنيد لا يسعه موضعنا هنا ولا يسعنا سوى القول بأنني مهتم دائما بالتصوير التشكيلي أو الجرافيكي الذي أعده الشكل المناظر للرسم التشكيلي والتصوير الزيتي وخلافه. أنا مهتم بالتصوير للعمل على ثلاثة أغراض استقرّ عليها مزاجي المتقلب -والذي كان عائقا دائما- حاليا.
[1] رسم الشخصيات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسم الشخصيات في المخيلة ربما أصعب من بسطها على سطح لوحة أو ورقة,ومع ذلك, هناك عدد محدود من الرسامين القادرين حقا على تصميم الشخصيات بأنفسهم,أو إعطائها أبعادا غير مقولبة وربما غير متخيلة من قبل كاتبها نفسه,سواء أنا أو غيري.
ولأن الشخوص هي نصف الحدث في حبكه وقصّه,أولي أهمية كبيرة لها,وكذا يفعل معظم النقاد على اختلاف مذاهبهم ودروبهم النقدية ما يجعله شيئا شبه متفق عليه لدى العامة والخاصة من متذوقي الأدب. كنت مهتم فقط بالبحث عن من يرسم لي الشخصيات لأبني عليها ومعها أحداثا نصية. لا أحتاج إلى سرد بصري مسلسل في متوالية من الإطارات (مع عشقي للأدب المصور),بل اكتفي فقط بأدب مصور في أبسط صوره المبسوطة على صفحات بها بعض الرسومات لشخصيات أو ربما أحداث قلة تدفع القارئ إلى القراءة بعيدا عن الملل,وقليلا من التعمق في القصة,ففي بعض الأحوال,الصورة قد تساوي ألف كلمة.
ولأن الأدب المصور هو مدرسة عربية مهملة حاليا إلا من قلة,كنت أقدم قصتي إلى المنتمين للمانجا اليابانية على أنها مانجا عربية,وفي المقابل كنت أقدمها لآخرين على أنها كوميكس عربي. ربما لاحظ الفنان فواز ذلك حين راسلته بمطلبي,وقال أن أجواء القصة لا تمت بصلة لنمطه الرسومي الخاص به. ربما حسبها عملا هجينا غير قادر على أن يكون عربيا.
وعملي هذا كان مخطط نشره في سلسلة من الروايات المتتالية اسميتها (بلاك Black) على أن تكون هي الشكل الروائي الوحيد الذي يُنشر لي,مع أنها تمت بصلة قرابة لعمل آخر لي تحت اسم (إيماج) يحذو تقريبا نفس الحذو الروائي. وكنت قد غضضت الطرف عن هاجس يؤرقني بكتابة رواية لأنها هي الرائجة مع دور النشر وقد تواصلت بالفعل مع العديد من دور النشر. واستقر أمري أخيرا على أن لا أكتب رواية إلا إذا تقيدت بالشكل القصصي الذي اتخذته محرابا لي. وهكذا فعلت بعد ذلك مع بلاك وإيماج وغيرهما إن وُجد ضمن أعمالي.
[2] أغلفة الكتب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصميم الجرافيكي يعد قفزة في تطور التصوير عموما,فلم يعد الرسم حكرا على التشكيلين بخطوطهم أو ألوانهم أو أحبارهم أو زيوتهم,بل هو نوع من تطويع فكرة التصميم المعروف بكونه جمع للعناصر البصرية من أجل إنتاج عنصر جديد,ونقلها إلى الرسم المرتبط أكثر بسطح ثنائي الأبعاد. برأيي في هذه الحالة لا يتفوق عليّ الرسامين إلا في توفر الأدوات اللازمة لهم,مع بعض التعليم والمعرفة حول أساسيات التصميم الجرافيكي وبعض المسائل المهمة المتعلقة به. لأنه لو توفرت لي الأدوات,ربما,أقول ربما,فأنا غير متأكد,ربما أكون قادرا على ابتكار تصميمات جيدة إلى حد ما. ورغم إني ناقد محنك في بعض المسائل الرسومية,وفي العديد من المسائل الكتابية,إلا أنني أثناء الكتابة أكون ناقدا جيدا لنفسي. ولكن في شيء أخجل من قدراتي المتواضعة أو المعدومة تماما به مثل التصميم (ولا أقول الرسم فذلك عندي دون المعدوم) لا أستطيع تكوين حكم حيادي حوله ولا حتى الدفع بنفسي للغرور كما أفعل عادة,مضطرا للركون إلى التواضع بما كان فيه قدري الوضيع.
مع ذلك,وكدليل على توفر الإمكان دون القدرة على إطلاق حكم,فأنا قمت بمراجعة جميع تصميمات الأغلفة التي تم عملها لي,وبتصميم العديد منها أيضا,ما يتجاوز عدده المائة غلاف لمائة مجموعة قصصية لا تشكل كل ما أنتجه قلمي (وربما ولا النصف حتى).
وفي هذا أعددت مقالة أخرى,ربما بعنوان (تجربتي مع تصميم الأغلفة).
[3] التسويق البصري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه هي أكثر مهنة تسعى للتكسب ولا حرج في ذلك لها,مع أنها مهنة لا تخلو من الفن رغم الشطر الاقتصادي الكبير فيها. وهذا هو أكثر شخص أحتاجه حاليا. ذكرت سابقا أن التسويق له أربعة أوجه
ربما أكثر بحسب ما جاء في هذا المقال
وهي التسويق,والترجمة,والتسويق البصري,والبرمجة. التسويق أيضا قد يشمل المحاسبة والشق القانوني. أحتاج فعلا إلى مدير مبيعات يكون لديه فهم عالي جدا في التعامل مع العملاء,ويكون محاسب أيضا,إضافة إلى فهمه رؤوس أقلام حول بعض المسائل القانونية المهمة والتي لا غنى عنها للحفاظ على شرعية تجارتنا بموجب القانون الحاكم للبلاد (مصر). ليس هذا فحسب,بل ويكون مترجم,إضافة إلى كونه مصمم جرافيكي يجيد التصميم الإبداعي والدعائي. بل ويفهم قليلا من أعمال التحرير وتنسيق الكتب في صيغ رقمية. ويا حبذا لو كان يفهم قليلا في البرمجة مع أنها غير ضرورية لأن لدي فريق كامل وشبه متكامل من المبرمجين.
كما أنه غالبا سوف يكون مدير أعمالي,وشبه شريك دائم لي. يمكننا الوصول إلى راتب مرضي لطرفه هو,فأنا لا أرضى حتى لو أخذ مني 100 جنيه فقط عن كل يوم عمل علما أنني سوف أطلع عينه معي فسوف أعامله كما أعامل نفسي وقد أشقيت نفسي كثيرا.
التعليقات