تحدّثت مع صديق يقضي الكثير من وقته في العمل الحر، يقول أنّه لا يضطر أن يعمل في الخارج لتأمين مصروفه، يعتمد على العمل الحر، ولديه قاعدة جيِّدة من العملاء من موقع مستقل.

تبادلنا الأحاديث بخصوص شتّى المواضيع عن العمل الحر، واستفدتُ من طريقته في تسلّم الأرباح، إلى أن طُرح موضوع التأخّر عن تسليم المشاريع، فسألته عن طريقته التي تضمن له التسليم في الموعد، فأشاح بصره عنِّي وقال متضاحكًا: أقتل جدِّي!

فهمتُ مقصده على الفور، لكنِّي أعرفه مزّاحًا كثير الطرف، فأصررتُ عليه: حقًا؟

-وما الضير؟ هو ميِّت من سنوات، وأنا أقول لهم "مات جدِّي" ولا أتحدّث عن ظرف الزمان، أقول مات فقط. هم يتعاطفون معي ويدعون له بالرحمة. جدِّي لم يترك لي الإرث، عليه أن يفرح أنَّ عملائي يدعون له عندما أشعرُ بتأخِّر وقت المشروع!

تسويف مزمن

لا أدري كم من المرّات استخدم صديقي هذه الحيلة، لكنَّ تبريراته تبدو صلبة، لا أظنّه سيتورَّع عن استخدامها مرّة أخرى!

لكن عبارته جعلتني أفكِّر في الحالة المزمنة من التسويف والتي تدعوه ليقتل جدّه كلّ مرة؟

بعيدًا عن الأخلاق

لستُ هنا لتقديم درس في النبل والأخلاق، لكنّي أرى أنَّ مصارحة العميل بالوقت المتبقِّي على المشروع مفيد من نواحي عديدة:

1- قد يزداد المبلغ أصلًا! إذا تحايلتَ بحيلة قتل الجد (أو أي سبب آخر للتأخير) سيفترض العميل أنّ العمل مُمكن بسهولة، لكنّ الظرف منعك عنه. وقد يكون فعلًا أنّ العمل طويل ومبالغ به بالنسبة للسعر المقترح. بنفس الطريقة قد يقل مقدار العمل.

2- قد تفوِّت فرصة لتحمّل المسؤولية! إذا أفصحت عن السبب الحقيقي قد تكون أكثر شعورًا بالوقت والمسوؤلية في المرّة القادمة.

3-قد تفوِّت عروض أخرى! ليس من العميل نفسه، لكن لكي يكمل كذبك، تحتاج أن تبتعد عن فتح مستقل لفترة من الوقت، حتّى لا يراك العميل أونلاين وأنت في عزاك جدِّك! قد تفوِّت عروض سريعة جديدة تبرز للسطح.