أكتشف أنني أحتاج إلى التبضع لشراء أغراض للمنزل .أدخل السوبر ماركت وأمشي مسرعة بين الرفوف وأنا أتفحص المنتتوجات بسرعة قياسية وأقيم السعر وما يناسب ميزانيتي. وفجأة أجد ما أبحث عنه في الرف الخامس على اليمين مختبأ بخجل بين عشرات المنتجات الشبيهة. إلا أنني لا أريد سوى هذا المنتج ولن أشتري غيره.

لما ذلك؟

يمكن تعليل خياراتنا وتفسيرها من خلال نظرية المستهلك التي تسعى جاهدة إلى التعرف وتحليل ما يدور في رأس المستهلك في خضم قيامه بعملية الشراء ومن ثم وضع نماذج وأنماط معينة يتم الرجوع إليها لقياس هذا السلوك. فخياراتنا كمستهلكين وقرارتنا في الشراء أو الإحجام عنه تتحدد بالرجوع إلى عدة عوامل. تشمل هذه العوامل النفسية منها وهي التي تتشكل من ميول المستهلك ورغباته وشخصيته وتفضيلاته وقناعاته. فعلى سبيل المثال يحجم المستهلك الأخضر عن شراء المواد الغير قابلة للتحلل بسبب قناعاته أن البيئة هي أهم الإعتبارات عندما يشتري أي منتج. وتعتبر العوامل النفسية من أهم العوامل إذ أنها تصقل شخصية الإنسان وتحدد خياراته.

أما العوامل الأخرى فهي الشخصية والتي تتضمن العمر والجنس والوضع الإجتماعي والخلفية الثقافية وعوامل أخرى متصلة بشخصية المستهلك.

وأخيرا, هناك العوامل الإجتماعية والتي تتصل بالشبكة التي تتشكل منها علاقات المستهلك والتي تشمل العائلة والأصدقاء والمعارف والأقرباء. كما أن التعليم والطبقة الإجتماعية تدخلان ضمن هذه العوامل.

تعد نظرية سلوك المستهلك من أهم النظريات بالنسبة للمنتجين إذ أنها تحدد إستراتيجيات الإنتاج والخطط التسويقية وغيرها من الأمور التي يتم تبنيها وتطبيقها من أجل وضع منتج يتناسب مع توقعات المستهلكين . يمنح هذا الأمر المنتج ميزة التأثير على قرارات المستهلكين.

من جهة أخرى, ثمة ثغرات واسعة لا تغطيها نظرية سلوك المستهلك. فعلى إعتبار أن النظرية تقيس سلوك المستهلك بالشكل المادي , ثمة عوامل لا يمكن قياسها أو حصرها داخل نموذج رياضي. فالقرارات التي يتخذها المستهلك بناء على المؤثرات العاطفية, هي قرارات لا يمكن قياسها أو قولبتها داخل نموذج يقتصر على محض أرقام. ويعد هذا الجانب قيدا يحد من نطاق تطبيق النظرية خاصة أن الجانب العاطفي بات جزءا هاما من سياسات التسويق للكثير من الشركات والذي يقوم على مبدأ التاثير العاطفي على المستهلك لحثه على الشراء . وأما التكنولوجيا وآثارها فهي الثغرة الأكبر لنظرية سلوك المستهلك. فعلى سبيل المثال, ما هو تأثير التجارة الإلكترونية على سلوك المستهلك؟ وهل تكفي نظرية سلوك المستهلك لتحديد خيارات المستهلك في خضم الثورة التكنولوجية المعاصرة؟

والآن برأيكم, هل يمكن تجاوز ثغرات نظرية سلوك المستهلك؟ أم أن بناء نظرية جديدة بات لزاما؟