يقال بأنّ الصينيين ينفقون مائة دولار على دروس اللغة الإنجليزية أكثر من إنفاقهم على مشاريع الاستثمار، لماذا؟ لأنها الطريقة الأسرع لفهم المصطلحات الأجنبية، للعمل على نسخ منتجات تلك البلاد الأمر الذي يعمل على جلب الأموال، لتأتي العبارة الشهيرة "صنع في الصين" ناقلة ضخامة الإنتاج الصيني، الذي جعل من اقتصادها ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
لن ننكر بأنّ الصين قد أدركت باكراً ما يريده المستهلك، واستوعبت حاجته، فأغرقت الأسواق بالسلع ذات السعر المتفاوت إلا أنه يلائم السوق المحلي، كما عملت على تنوّع المنتجات.
أما أفضل من استهدفته الصين من المستهلكين، هم أولئك الذين يملكون قدراً محدوداً من ثقافة العلم في الماركات والعلامات التجارية، ومَن يُهمهم الشكل الخارجي والسعر فقط، ومما ساعدها على هذا التنوع هو وفرة الأيدي العاملة وانخفاض الأجور.
بداية التقليد كان بسعيّ من الأعمال التجارية الصينية خلف العلامات التجارية، والتكنولوجيا، حيث جاء في تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنّ حجم السلع المقلّدة لحقوق الملكية الفكرية التي تتعرض للقرصنة من التجارة العالمية قد بلغ نحو 100مليار دولار للعام 2001، ونحو 250مليار دولار في 2007.
ويقول جون مورتون "هوجمت صناعات بأكملها ليس من الشارع بل من الإنترنت". فالخيال الصيني المقلّد لم يكتسح الأسواق فقط، بل توّغل إلى الانترنت أيضاً، ليتمّ تقليد شركات عالمية بشكل كامل مثل شركة أيكيا وشركة آبل، تشابه أسقط كثيرين في فخّ الخداع.
تشكّل الشركات الصينية حالة استثنائية وتحدٍ كبير للمنافسين، فلا أحد ينكر بأنها تشكّل تحدياً للشركات، خاصة حين بدأت في الانتقال في غضون عقود من بلد يقلّد إلى بلدٍ يعتمد على الإبداع والتأثير نتيجة فهم طبيعة المستهلك وثقافته، فبعض الشركات الصينية قامت بإنشاء مراكز للبحث والتطوير في بلاد عُرف عنها بأنها مركز للابتكار والإبداع.
ختاماً، يقال بأنه في الثقافة الغربية يعتبر التقليد "سرقة وتزييف"، بينما في الثقافة الصينية يعتبر "موهبة"، فالمهارات الفكرية في الثقافة الصينية ليست بقوة وجدارة المهارات التقنية في صنع منتج ما، لتشكل العلامات التجارية والأفكار الابتكارية تحدٍ لديهم في فهم أساس قوة هذا المنتج والعمل على تقليده أو الانتقال لتحسينه وصناعة منتج يفوقه صفات.
أدرك أنني سأجد من يعارضني بالأمر، لكنني بصدق أحترم العقل الصيني، ذلك الذي خرج من رحم الفقر ليخطو خطواته نحو التطور والاستحواذ على الأسواق، فبرغم مأخذي على ثقافة تبيح كلّ ما هو متوفر، إلا أنني أقدّر ذلك الحسّ الذي لا يتوقف عند مرحلة ما، ويتقبّل كلّ الخيارات التي تقوده لتعزيز أهدافه، بل يعمل على تطويرها وتحسينها والارتقاء بها، وكأنّ صاحب ذلك العقل يدرك أنه يسابق الزمن، ويقرّر أن تطورات ومتطلبات الحياة لن تسبقه.
وأنت ماذا تظن؟؟
التعليقات