بدايةً، أنا ممتن لوجود موقع حسوب، حيث أجد - كشخص متقلب المشاعر- في هذا المجتمع الملاذ لتفرغة ما بداخلي، أصبحَت عادة لديّ أن أكتب في حسوب فور شعوري بشيء جديد أو غريب، تعليق أحدهم من هنا وتعليق إحداهن من هناك يشعرني أن هناك من يفهمني أحياناً ومن يشبهني أحياناً، للأسف لا أجد مثل هؤلاء في أرض الواقع.

المهم، منذ أشهر خضت تجربة العيش وحيداً للمرة الأولى، كانت تجربة مختلطة المشاعر للغاية، لم أكن أستطيع فهم نفسي وهذا أسوأ ما يحدث لي! تارة كنت أشعر بحب العزلة وأن وجودي بين الناس ليس مهماً وأنني ممتن لأنني وحيد، وأن الآخرون قد يحاربون من أجل أن يشعروا بالعزلة مثلي ولو قليلاً. وتارة أخرى .. كان شعور الوحدة مميتاً، استئت من كوني وحيداً، اشتقت لوجود شخص بجانبي، أمسيت أسمع صدى الصمت والهدوء صرخات في داخلي، عندما بات الأمر لا يحتمل هرعت إلى حسوب أملاً في أن يُرمى إلى طوق النجاة، لم أكن أفهم لماذا انقلب شعور الوحدة عليّ رغم أنني كنت دوماً أتمناه؟! حتى أنني وضعت " إعلان بالحرب على شعوري بالوحدة" عنواناً لمشاركتي.

انقضت هذه الأشهر بسلام، لم أجد حل حينها سوى العيش في عالم خيالي وأشخاص خياليين ونسيان الواقع قليلاً، كنت أشاهد المسلسلات والأفلام بكثرة وكان التأثير غالباً فعال (مسلسل Friends حل مثالي لمن يشعر بالوحدة بالمناسبة). منذ فترة .. انقضت مدة إقامتي وحيداً وعدت للعيش بين أهلي مجدداً (لا أعلم بعد هل ستطول هذه الفترة أم سأعود للوحدة مرة أخرى)، في هذه الإجازة قررت استثمار الوقت في فعل ما أحب، أقضي الوقت بين القراءة ومشاهدة الأفلام، يبدو أنني أفعل كل شيء وحيداً ثانيةً، لكن مجرد وجودي بين أهلي مختلف تماما عن وجودي بمفردي طوال الوقت، الآن عندما أريد الانطواء أفعل ذلك بكامل إرداتي، وعندما أريد أن أتحدث مع أحد، فالخيارات أمامي كثيرة، لذلك لا مشاكل نفسية إطلاقاً تخص الوحدة التي اعتدت على الشعور بها.

أيضاً من روتيني في هذه الإجازة، أن أقابل أصدقائي وأقضي معهم بعض الوقت (يبدو أنني أبتعد عن الوحدة أكثر فأكثر ومن المفترض أن يكون ذلك جيداً)، خرجت من غرفتي أخيراً وقضيت عدة أيام مع أصدقائي، بدلاً من أشارك أفكاري مع نفسي، يوجد الآن من أستطيع مشاركتها معه، ييدو أنه لا حاجة للدخول لمناقشة أشخاص افتراضيين على حسوب إذن. ولكن للأسف ولا أدري ما السبب، بالرغم من أنني أحب أصدقائي وأحب قضاء الوقت معهم، راودني شعور بالحنين إلى الوحدة، لم أعد أريد أن أكون بينهم وأفضل قضاء الوقت بمفردي، لا أعلم لم هذا التناقض؟! لم أشعر بالوحدة عندما أنعزل وأشعر بالحنين للعزلة عندما أقضي الوقت مع الناس؟ ما حدث لي يشبه وبشدة شعوري بالوحدة الذي تحدثت عنه من قبل لكن هذه المرة على العكس تماماً، ها أنا محاط بأشخاص أحبهم ويحبونني وأعرفهم منذ سنوات وكنت دوماً أحب قضاء الوقت معهم، لكن هذه المرة شيء ما مختلف، هنا دوماً شيء ناقص لا يجعلني أشعر بالرضا إطلاقاً، لم تعد الأحاديث بيننا تهمني كثيراً، أصبحت أتحدث بأقل مما أريد على غير عادتي دائماً، في العادة أنا ثرثار وأبوح بكل شيء مع أحد أصدقائي، لكن هذه المرة شعرت أن حديثي عن أغلب الأشياء لن يهم! لا أعلم هل اعتدت على مناقشات حسوب أم ماذا؟ لا أريد أن أبدو نرجسياً لكن لا أحد مِن مَن أعرفهم يشهبني إطلاقاً، قليلاً ما أجد أحدهم يهتم ولو بعض الشيء باهتماماتي (منها العلوم، الفلسفة، السينما، الموسيقى)، مواضيعهم دائما أحدها سطحية وغير هامة بالنسبة لي، لا أحد يفكر مثلما أفكر، قال لي أحدهم صراحةً (أفكارك غريبة) ووافقه الجميع عندما شاركتهم في مواضيع دينية أو اجتماعية، هذه الأفكار قد يعتبرها البعض هنا في حسوب مواضيع شائعة ويكثر الحديث فيها، لكن بين أصدقائي: "ما هذه الأفكار الغريبة؟"لماذا أصبحت هذا الشخص الغريب بينهم فجأة وهو مالم يكن يحدث من قبل؟! دائماً كنت مخالفاً للجميع في بعض الأفكار ولكن لم يصل الأمر إلى استغراب الجميع مني هكذا كأنني فضائي! زاد الأمر هذه المرة عن حده، كل هذا جعل شعوري هذا بالحنين للانطواء في غرفتي بين كتبي وأفلامي ينمو بشدة، هل تطورت شخصيتي وأصبحت غير مناسبة لشخصياتهم ولذلك لا أشعر بالرضا بينهم؟ الأمر إما هكذا أو أنني معقد ومريض نفسياً!

المشكلة حاليا ليست في أنني لم أعد مناسباً لأصدقائي ويجب على الانطواء، فهذا شيء أفعله ببراعة، المشكلة أنني في حال عدت للعيش بمفردي في بلد آخر مثل تجربتي السابقة سيعود كل شيء كما كان، سأشعر بالوحدة والافتقار لأشخاص أشاركهم حياتي وسأكره هذا الشعور مجدداً لأنني فاشل في العثور على هؤلاء الأشخاص.

أريد مساعدتكم من ناحيتين:

  • ما قد يكون السبب في هذه الفجوة التي حدثت بيني وبين أقرب الأشخاص لي؟ والأهم هو كيف أتعامل معها؟

  • في المستقبل عندما يؤول بي الحال إلى هذا الشخص الوحيد الذي يتتوق إلى وجود أشخاص يشبهونه أو على الأقل يفهمونه في حياته الواقعية كما يجد مثل هؤلاء على المواقع الافتراضي، كيف بحق الجحيم يمكن أن يجدهم؟ هل الأمر بهذه الصعوبة أن لا تشعر أنك فضائي؟

في النهاية وكما هو الحال، الباب دائماً مفتوح لتروي لنا قصتك أنت وكيف تعاملت مع أياً ما شعرت به، لا تتردد في المشاركة.

_________________________________

مشاركتي الأولى التي أشرت إليها:

إعلان-بالحرب-على-شعوري-بالوحدة

وهؤلاء أشخاص أشكرهم بشكل خاص على ردودهم في المرة السابقة @يونس بن عمارة‍  @evey‍ @MEXAFALGE‍