كنت في صغري اصطاد الكلمات الجميلة من والدتي اصطيادا فقط لاسمعها منها ولكنها كانت ترد بعبارات كنت اراها جافة جدا.

طباع امي الكتومة وغير المعبرة جعلتني افكر احيانا انها ليست أمي، بل كنت متاكدة!

حاولت الهرب وسط دموعي -هاهاها- والبحث عن امي الحقيقية مرات عديدة وفي كل محاولة كانت امي تقول لي : ' إلبابكا واكن بح هندا رابتد ايو هويذا رونتا ايقو سلام'

والتي تترجم حرفيا الى : هذا الباب؛ اخرجي ان شئتي وسلمي لي على امك الحقيقية.

اظن ان امي كانت تتبع حيلة ما من علم النفس المعاكس او ماشابه =))

عموما، أرتني الايام فقط ان امي تحمل جميع المشاعر الجميلة والكلمات الرقيقة في قلبها ولكنها فقط تجد مشكلة في التعبير عنها وتخجل من ذلك، وان كنت تظن أن هذه صفة تأتي مع الآباء في مجتمعاتنا عادة وليس مع الأمهات، فلأوضح لك بقول أن والدتي لم ترى والدتها قط ولم تشعر بحنانها فقد توفيت وهي في الشهر السادس فقط.

ولهذا حين أعاود النظر في الأمور أجد أنني حظيت بنعمه وشرف كبير جدا فأنا وإن كنت الابنة وليس الأم ولكنني علمت والدتي أنه لابأس في أن تعبري عما بداخلك، انه جميل كفاية لاسمعه ومهم كفاية لكي تشاركيه ونشعر به سويا.

وقد فعلت ذلك بان ابادرها أنا أولا، فقد كنت اكتب لها الرسائل واجعلها على سريرها او ماشابه، او اعطيه اياها يدا بيد واقول لها ان تقرأها لاحقا .. كنت افعل ذلك احيانا قبل ان اذهب الى المدرسة واحيانا بعد ان اعود منها.

أو اقوم بمراسلتها sms وهي خارج المنزل.

ولمفاجئتي .. أمي الصلبة التي لم أرها تبكي يوما كانت تخرج من حولها من الغرفة ما إن تصل الى منتصف رسالتي لتبكي وحدها او تقول لي حين أعود لماذا تفعلين هذا بي؟ لقد ابكتني رسالتك أو تقول لي بتأثر كيف شعرتي بي؟

وكثيرا ماكان اشقائي يرمقوني بنظرة -ماهذه البنت الفاضية- او يشعرن بالفضول لما كتبته ولكن امي لم تكن تدعهن يقرأن.

كانت كل رسائلي تدور حولها .. مواقف بيني وبينها واوقات لم تنطق فيها امي ولكنني فهمت مايختلج صدرها من أفعالها .

المهم .. ولصدمة قلبي الرسالة الخطية الأولى التي كتبتها امي لاحد منا كانت لاختي قبل 3 سنوات هههههه لا استطيع ان اقول انني شعرت بالخيانه ولكن آوتش ماما !! هلوو أنا التي كنت ابذل كل الجهود عليك تذكرين؟؟

المهم .. أمي الان تكتب لي رسائل بكلمات رقيقة تفاجئني كل مرة =(( وانا سعيدة جدا انني كسرت حاجزا لديها كل ما اتذكر هذا يدفء قلبي =(( مازالت لاتعبر كثيرا بيننا ولكنها تعبر على الاقل في الرسائل بما انها وسيلة غير محرجة ولا مباشرة في التعبير.

تقريبا كتبت رسالة واحدة على الاقل لكل افراد المنزل في اوقاتهم المهمه او الحرجة، جدير بالذكر أنني كنت اسمع شقيقي -عديم الاحساس- يضحك من غرفته بصخب عندما اعطيه رسالة واطلب منه ان يقرأها وكنت اتساءل دوما عن سبب ذلك =))

الرسائل لها أثر جميل في نفوس من تحبون، رسالة غير متوقعة كل فترة واخرى تقوي الروابط وتدفء القلوب وتشرح مالايمكن شرحه وجها لوجه، صدقوني أنتم تحتاجونها اكثر من الشخص المعني