في خضمِّ الأحاديث المتناثرة، ارتفعت نبرة إحداهنّ وهي تحكي عن الأرزاق. كانت تتحدث بطمأنينة غريبة عن تأخر إنجابها وكثرة مراجعاتها، ثم ختمت حديثها بقولٍ يقطر يقينًا:
«هو رزقٌ من الله، إن أراده فلا رادّ لفضله.»
توقفت الكلمات في أذنيّ كأنها أجراس صغيرة، ورحت أراقبها بصمتٍ مدهوش. رأيت في عينيها سكينةً نادرة، واستسلامًا لله يشبه البحر حين يهدأ بعد العاصفة. كانت تبدو وكأنها تركت الأمر كله بين يدي القدر، ولم تعد تفكر فيه إلا كاسمٍ من أسماء الله.
أحسست حينها بشيء يشبه الغُصّة في قلبي. كنتُ أتمنى لو أملك هذا التسليم، لو أستطيع أن أخلع عن قلبي أثقال الرغبات وأتركها تمضي إلى الله كما فعلت هي. كنتُ أتمنى أن أنسى حاجتي الملحّة التي يسكنها قلبي منذ زمن طويل.
تأملت طويلًا في كلمة رزق، كم هي ثقيلة وشفافة في الوقت نفسه، كأنها وعدٌ مؤجل. ثم رفعت قلبي قبل عينيّ إلى السماء وهمست:
«يا رب، ارزقني… ولا تختبرني في تأخير أشدّ ما تتوق له نفسي. يا رب، متى يأتي رزقي أنا؟ متى؟»
التعليقات