وحدي، أرتاد المطاعم والكافيهات، وحدي، أذهب للجامعة وأعود، وحدي، أجلس في غرفتي الباردة، وحدي أكل وأشرب، وحدي، أدرس واكتب خواطري لذاتي بأناي، عرفت أناس كُثر، مكاتباً ومخاطباً، وفي أغلب الأحيان تكون الهوة بيننا كبيرة، لذا لم أنتمى لهم، اللهم إلا ثلاثة أو أربعة فقط هم مَن شعرت معهم حقاً بأنني على راحتي وكأنهم شاطروني الرحلة، وهم أيضاً تركوني وتركتهم لا لشيء، فقط لإنشغالهم بأمور الحياة الدنيا، سأقابل غيرهم ولن أنساهم فهم نادرون مثلي، يقال أن الجواهر تتلاقى، إنهم حقاً جواهر نادرة، لكنني لست جوهرة، فالعدم يعيش فيّ متأصلاً بغريزة تطورية، شئت أم أبيت فهو آتٍ لا محالة، أما في الفترة الراهنة فلا أدري ماذا يفعل المرء كي يكون سعيداً .. التجارب وحدها كافية بالإجابة على هذا السؤال.
عن الوحدة
أتذكر فترة معينة في حياتي، كنت أرتاد فيها الأماكن وحدي كما تفعل تماماً. كنت أجلس في المقهى ذاته أياماً متتالية، أراقب الناس يضحكون ويتبادلون القصص، بينما أرتشف قهوتي كأنني أُدرب نفسي على أن أكون صديقاً لذاتي.
لم تكن الوحدة قراراً حينها، كانت نتيجة… لخيبات متراكمة، لعلاقات لم أجد فيها ذاتي، ولأحاديث كنت أخرج منها فارغاً رغم امتلاء الكلمات.
لكني أقول لك شيئاً اختبرته: في العزلة، يتقشر الزيف، وتبقى فقط الأشياء الحقيقية. لم أعد أحتمل العلاقات العابرة، ولا التجمّلات المرهقة. أصبحت أفرح حين أجد شخصاً أكون معه كما أنا، بلا تكلّف.
أشعر أن كلماتك تمسّ مشاعر كثيرين ممن اعتادوا الوحدة دون أن يختاروها عن عمد أحيانًا لا يكون الانفصال عن الناس ضعفًا فينا بل انسجامًا مع ذواتنا حين لا نجد من يشبهنا أو يفهمنا حقًا التجارب التي نمر بها تصقلنا وتُعيد تعريف معنى السعادة لدينا فربما السعادة لا تأتي من كثرة العلاقات بل من صدقها وربما لا تأتي من الصخب بل من طمأنينة اللحظات الهادئة مع أنفسنا وأؤمن أن الذين يشبهوننا موجودون حتى وإن تباعدت الطرق عنهم مؤقتًا
التعليقات