من وجد الله فماذا فقد، ومن فقد الله فماذا وجد.

في عام ٢٠١٣، تعرفت على صديق "أونلاين" اسمه "سامي" عن طريق منتدى لإحدى الألعاب الأونلاين "يوغي".

كان يكبرني بعامين ويعيش في مدينة أخرى، وتواصلنا لسنوات عبر الإنترنت دون لقاء.

في عام ٢٠٢٠، كان من المفترض أن يتخرج من الجامعة، لكنه اختار أن يرسب في آخر عام ويقوم بإعادة العام الدراسي لبعض الظروف،

 وبالتالي ذهب إلى التجنيد في عام ٢٠٢١، والحمد لله مَنّ الله عليه بمكان جيد جدًا لقضاء فترة الخدمة، وكان ذلك المكان هو أحد الأماكن المسئولة عن توزيع الجنود على الأماكن المختلفة.

في عام ٢٠٢٢، وبعد تخرّجي، وكنت على وشك تقديم أوراقي للتجنيد، وكنت مهمومًا وقلقًا من المستقبل، لم أكن أستطيع النوم جيدًا، كنت آكل كثيرًا، وازداد وزني حوالي ١٠ كجم.

وفي يوم من الأيام، تفاجأت بصديقي "سامي"، وقد تبقى له عدة أسابيع لينهي فترة تجنيده، يخبرني أنه تحدث مع الضابط عني وطلب منه أن أقضي تجنيدي في نفس المكان، ووافق الضابط.

وجاء موعد الذهاب للتجنيد. سافرت ليلًا، والتقيت بسامي لأول مرة بعد حوالي عشر سنوات. تبادلنا الحديث في الطريق، ثم وصلنا إلى المكان.

دخلت معه، ثم تقابلت مع الضابط، وتحدث معي بعض الشيء، ثم قرر أن يجعلني أقضي فترة تجنيدي هناك كعسكري كمبيوتر، تتمحور مهامي في كتابة الجوابات على الـ"Word"، أو تعديل بعض "الشيتات" على الـ"Excel"، بالإضافة لبعض الأعمال الورقية الروتينية.

لم أكن أصدق أن شخصًا بسيطًا مثلي، ليس لديه أي معارف، يمكن أن يقضي فترة تجنيده بمكان كهذا. ولا أريد أن أستطرد في الحديث عن قدر الراحة في ذلك المكان، ولكن يكفي أن أقول إن المكتب الذي كنت أعمل به كان به تكييف، نقوم بتشغيله أو إغلاقه في الأوقات الحارة كيفما نشاء.

ولكن أكثر ما كان يدهشني هو كيف أن الله كان يخطط لي كل شيء منذ عشرة أعوام. لو لم أتعرف على "سامي"، لم أكن لأكون هنا. ولو لم يقرر "سامي" إعادة العام الدراسي الأخير، لكان قد أنهى فترة تجنيده قبل دخولي بعام، ولم يكن ليستطيع مساعدتي.

في تلك اللحظة، استشعرت حديث الرسول ﷺ:

يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ ، ولو اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ.

وهكذا علّمتني الحياة أن أثق بالله، مهما بدا الطريق مجهولًا.

والآن كلما خفت من المستقبل، أتذكر تلك الغرفة المكيفة... وأبتسم