🌿 سيرة الروح بين السقوط و الرجوع
تأملات روح حائرة... ولكنها تُصر على النور
أحيانًا أشعر أن داخلي أشبه بمقهى مزدحم:
كراسي متشابكة، أفكار تتدافع، وذنوب تمر من جانبي وتبتسم بثقة.
أقول لنفسي: "ما هذا يا نفس؟ أهذه حفلة أم ساحة معركة؟"
لكن الجواب لا يأتي... فقط صمتٌ لزج، يشبه الإحساس بالذنب بعد نوم طويل على صلاة الفجر!
"محبة الله وحب طاعته لا يكون إلا بالابتلاء والامتحان، فما زاد عبد في العافية إلا ضعف إيمانه، وما زاد في البلاء إلا قوة له."
— الإمام الغزالي
أقرأ ذلك وأتنهد: "وهل أنا في مرحلة تقوية عضلات الإيمان؟ لأني أشعر أنني في صالة رياضية روحية بدون مدرب!"
أحاول التماسك، لكن الحُساد يتكاثرون كأنهم أرانب…
أما الظلمة؟ فهم لا يكتفون بالوقوف في الظل، بل يريدونك أن تسكن معهم هناك، وتتخلى عن شمسك.
وفي زحمة المشاغل، أراني أهرول خلف المهام، وأنسى أن أراجع قلبي… وكأن الاستقامة رفاهية مؤجلة إلى إشعار آخر.
"الصبر مفتاح الفرج، وكلما اشتد البلاء، اقترب الفرج."
— ابن قيم الجوزية
وأنا أبحث عن المفتاح، أكتشف أن الجيب الذي وضعته فيه مثقوب، وربما المثقاب هو نفسي الأمّارة بالسوء!
في منتصف الليل، حين يصمت الجميع، يبدأ حديثي مع ربي...
حديث صامت، لكنه أصدق من كل الخُطب.
أقول: "اللهم طهر قلبي من المعاصي الباطنية... من الرياء، من العُجب، من الغفلة التي لا تُرى بالعين ولكنها تفسد القلب ببطء."
"في عمق الشتاء، تعلمت أخيرًا أن هناك في داخلي صيفًا لا يُقهر."
— ألبير كامو
يبدو أن هذا الصيف الداخلي بحاجة لمروحة من اليقين، أو مظلة من الدعاء!
أدركت أنني حين أبحث عن الله، لا أحتاج خارطة، بل لحظة صدق...
لحظة أقول فيها: "كفى لهواً، كفى تفريطًا، كفى ضياعًا."
وهنا، تصبح الاستقامة قرارًا لا مجرد نية، موقفًا لا مجرد فكرة.
"البلاء هو المعلم الصامت الذي يفتح عيوننا حين يغلق العالم أذاننا."
— جبران خليل جبران
وأحيانًا، أعتقد أن هذا المعلم يجب أن يُرَفَّع... فهو الوحيد الذي لم يتغيب عن حصصي الروحية منذ سنين!
في النهاية، لا أزعم أنني وصلت، لكنني على الطريق...
وإن كانت الطريق وعرة، فإن الله لطيف بمن أراد وجهه.
أنا لا أبحث عن الكمال، بل عن صدق اللحظة، ورفقة الله فيها.
"الصعوبات لا تكسر الإنسان، بل تكشف له قوة روحه التي لم يكن يعلم بوجودها."
— هيلين كيلر
وربما، في خضم كل هذا، أكتشف أنني أقوى مما أظن… أو على الأقل، أضعف بكثير من أن أستغني عن الله.
هذه ليست قصة بطل خارق، بل حكاية روح عادية، تعثرت كثيرًا، وتابت أكثر، وتبتسم اليوم لأنها اختارت أن تبقى واقفة… ولو على حافة الألم.
التعليقات