ولكن المائة، أو الأكثر من مائة، سوف أجمعها في عشر نقاط كبرى
1-اسمي رايفين فرجاني، اسمي في البطاقة وليد أحمد فرجاني، حاليا أعيش في المرج، تحديدا في منطقة اسمها الفلاحة، منطقة شديدة العشوائية، يجري تقسيم مناطقها الداخلية وفق هذه المسميات
-عب العربجية
-عب الحرمية
-عب المخدرات
-عب الجرب
وخلافه، وهي مسميات معبرة وتظهر تماما ما يدور هناك.
معروف في منطقتي، بإني أكثر شخص محترم في المنطقة كلها، ربما في المرج كلها، وأنا غير متفق مع هذه الآراء لأنه يوجد ناس محترمة كتير، لكني شخص مسالم بطبعي (وعنيف أيضا) آمل دائما لتفريغ كل الحلول السلمية واستنفاذها في التعامل مع المشاكل التي تواجهني، ولا ألجأ أبدا إلى العنف إلا مضطرا، أو مرتبكا غير واع بما أفعل. ولكني أكون آنذاك عنيفا جدا بشكل قد يشمئز منه البعض.
طيب، ما الذي يدعوا إلى هذا العنف، لدرجة أن كل من يتجنبون مشاكستي، لا يفعلون ذلك إلا لأحد سببين، إما لأنهم ناس محترمة وكُمل، وما تحب تيجي على الغلبان، وإما لأنهم فقط يخشون ما قد أفعله بهم. مع إني لم أؤذي أحد قط في محيط منطقتي. ولكني دائما أدخل في المشاجرات إلا قاتلا أو مقتولا، ولكن ربنا يسترها، وأنا ممكن أتراضى في الآخر بكلمتين. لم أجيبك بعد، ما الذي يجعلني مثلا، لما أتشاجر، أمسك شومة، أو بلطة، أو سيف، أو أي ما يقابلني، وأنزل مباشرة على رأس خصمي (لولا أنه يهرب حينها). بالطبع حدث وأن تسببت في جروح للبعض بسبب الشوم (العصا الغليظة وأفضل استعمالها لأن فرص النجاة منها أكبر). ما الذي يجعلني أفعل ذلك؟. ببساطة، لأنه، حرفيا، هناك أكثر من مرة، سواء كنت تمشي في الشارع في حالك، أو حتى لما أكون جالس في حالي أمام بيتي، يأتي أحدهم، متعاطي مخدرات تغيب وعيه، ولكنه يعي أن هناك شخص ما (على أد إيده) ممكن يهينه، أو يضربه، أو حتى يدميه بنصله، من باب المباهاة أمام شلته وعصابته (الصيت أم الغنى). مستعملا مطواة (خنجر يتم طيه) أو كلب رعي ألماني ضخم قوي ومسعور (أو شرس مدرب على الهجوم) أو حتى مستعملا للأسلحة النارية المختلفة، والمتفجرات وخلافه (على قدر صمودك أمامهم يتم التصعيد). بالطبع حصلت على جروح. ذات مرة، اجتمع عليّ أكثر من عشرين شخص، وضربوني حوالي سبع أو ثمان طعنات سطحية في أجزاء مختلفة من جسدي، عدا ضربتين إحداهما في صدري (في الحقيقة أنا من هجمت عليه حين جن جنوني والفتى ضربني لأنه خاف أن أمسك به) وهذه آلمتني بعدها كثير وأقعدتني الفراش، الأخرى في الوجه (الندبة الوحيدة التي حصلت عليها في وجهي من أحدهم ولن أنسى ذلك قط) ومنذاك وأنا متحفز لأن يتشاجر معي هذا الفتى تحديدا، لكنه، وبعد أن أصلح الناس بيننا، بكلمة (معلش)، والتي اضطررت لقبولها بعض ضغط كبير من الناس ومن الأقارب، متهمينني أنني أنا من يفتعل المشاكل، فرضخت. بعد أن تم الصلح، يتجنب تماما مشاكستي. نصف من يتجنبونني اليوم، لم يفعلوا إلا بعد أن أظهرت لهم وجه آخر (فإما أن أقتله أو يقتلني) وفي الحالتين سوف يكون هو خاسرا (لو حالفني الحظ ولم يخرج من القضية). ذات مرة، دخلت على دولاب مخدرات لوحدي (دولاب المخدرات لفظ يطلق على تجمع ليلي أو خفي من الشباب ضمن عصابة مسلحة تتاجر بالمخدرات ومستترة من الحكومة). أنا أؤيد تماما رؤية الحكومة (حكومة الدولة) في إزالة هذه العشوائيات التي تأكل النبيل قبل الخسيس. ولا يوجد أعراف هنا، ليس كما في الصعيد أو الريف أو حتى في الحضر، أو بعض الأحياء الشعبية الجميلة (مثلا وسط البلد فيها خضوع بعض الشيء للأعراف وحق الجيرة). طيب، أين الشرطة. أصلا أنا لا أتشاجر إلا بعد أن أذهب إلى قسم شرطة المرج، الذي يتحرش بشخص مثلي، باد عليه أنه من ثلة (المجرمين) ولما تظهر التحريات عدم وجود أي سوابق يتعجب لكنه يمتنع عن تحرير أي محضر، إلا بعد تعطيل متعمد، قد يذهب بك إلى اليأس من أنه فيه محضر راح يتعمل أصلا. ذات مرة قال لي، هات لي بطاقة الشخص الذي تعدى عليك، وعنوان مسكنه حاليا (ومن أين لي أن أعرف). لكن لما أعطيته مواصفاته تعرفوا عليه؟. ولكن لن يهتم أحد بأن يتحرك من مكانه. وأنا هنا لا أدين كل الشرطة، فيهم ضباط جدعان ولاد ناس. ولكن فيهم أيضا مرتشين منتمين إلى نفس هذه العصابات. التي لا يتم القبض عليهم إلا آخر السنة من باب تقفيل الأحكام حتى لا يحدث أي مسائلة من جهات عليا، فلا يظهر التسيب. وخلال أقل من ثلاثة أشهر، يتم الإفراج عن ناس، هم مسجلين خطر وعاملين نصف مصائب الدنيا. وبالطبع، تم تطوير نوع غريب من الأخلاقيات، تدين من يذهب إلى الشرطة، أنا لن أبلغ ما يحدث مع طرف آخر حتى لا أوصم بـ (مرشد)، ولكن ما العيب، أن أذهب إلى الشرطة لأبلغ عن اعتداء يتم معي؟. وأصلا أنا لا أذهب بنفسي إلى أحد، لأتشاجر معه، إلا لو تعرض هو لي مرارا، أو حتى ربما أصلا، أتاشجر معه في واحدة من مشاغباته تلك، وهي تتخطى مسألة المشاغبة إلى التحرش الجسدي، والتحرش الجسدي ليس بالضرورة أن يكون جنسي. بل هو أي احتكاك أو مساس بالجسد دون إذن صاحبه، مثل الضرب، أو التفتيش، أو التقييد. بالطبع لا أسمح بأي من هذا، لأنه يجن جنوني إذا رفع أحدهم يده عليّ.
يوميا، هناك مشاجرات في الشارع، هي بعيدة عني حاليا إلى حد ما، لأنه لا أحد يريد أن يقع مع (واحد مجنون) مثلي. ولا يوجد أي تقاطع بيني وبين هؤلاء. لا أنا أتعاطى شيء، ولا أدخن، ولا أحب أي من المكيفات أصلا مثل الشاي أو القهوة أو الكولا. وهي شرعية (لا أحبها مع ذلك). لا يوجد، فرصة للانتقال حاليا في ظل ظروفي المهببة، خاصة وأن بيتي الآخر، هو في المنشية وهي منطقة وإن كانت أجمل، إلا أنها ليس أقل عشوائية عن المرج. وخاصة وأن بالإضافة إلى أن عائلتي هنا (يكاد يستحيل توفير مطرح لهم حاليا في أي مكان آخر)، فإن عملي ومشاغلي هنا (انخرطت مؤخرا، في تجارة الخردة، وهو تطور محمود بعد أن كنت سرّيح أو منقب في القمامة). لكن مع ذلك، حاليا، ليس معي جنيه واحد، بسبب مشاكل عدة، اضطرتني لدفع وإنفاق كل ما أملك، فلم يعد معي ولا جنيه واحد (تخيل، لكن لا تقلق أنا لا أتسول هنا). بالطبع أستطيع تخطي هذه الأزمة، بمشيئة المولى، وبعض الحظ والتدبر، مثل أي أزمة أخرى.
التعليقات