يخرج ممسكًا هاتفه متطلعًا فيه، تسأله المرأة:

طمنا يا دكتور ،العملية كويسة؟

يرد بعد عشر ثوان دون أن يحرك عينه عن شاشة الهاتف المُنشغل به: آه كويسة

تتنهد: الحمد لله تسلم ايديك يا دكتور.

يقول: آه كان عمليتين كبار خلي بالك ،يعيد عينه سريعّا لهاتفه: مش واحدة بس الموضوع كان صعب بس الحمد الله.

يظل واقفًا أمام باب العمليات الخارجي يُطالع هاتفه بانغماسٍ تام وذوو المريض أمامه!

وجهٌ جامد دون انفعالات، بارد الفعل والقول!

أتأمل المشهد خلسةٌ، بين لهفة ذوي المريض واستكثار الطبيب الذي قبض ألوف العملية " كاملة مكملة"، عن نظرةٍ للمريض وأهله!

وربما هذا ليس المشهد الأسوأ، فما الأطباء الذين يقحمون المرضى في إجراءات لا عوز لها إلا للمال عنا ببعيد!

في كل مرة حين أزور مشفى وأطالع مُقدمي الرعاية الطبية، الذين صاروا لا يَرون المريض إنسانًا قد يصيرون ساعة مكانه، يرتجون كلمةً تحيي بوار النفس والجسد!

أفكر أن لو قُيّض لي أن أكون مسئولة ستكون سياستي الأولى قبل كفاءة الأطباء وشطارتهم اللامتناهية هو أن يكونوا بشرًا على طبيعتهم، ربما عليه أن يقف أمام المريض ويرى لدقيقةٍ أن ذاك المريض هو ولده أو أمه، وحين يستوي الشعور داخله يبدأ إجراءه الطبي!

أجهل معرفة السبب الأولي الذي نجمت عنه كل تلك العككة؛ منظومة كاملة الأساس فيها هو الإنسانية والرحمة تصير منزوعةً كليًا من تلك الصفات!

أكره الطب في مصر..

وأكره الأطباء!