تصبح القصص المأساوية أكثر إيلامًا عندما يكون ضحاياها الأبرياء هم أطفالنا الصغار. عندما تعيش أرواحهم النقية في عالمٍ تعصف به الأشباح المخيفة للاعتداء الجنسي، الذي يحدث داخل أروقة بيوتنا، ويجدون القسوة والخيانة في أقرب الأشخاص إليهم!

في عالمنا العربي، ينبض القلب بحزن وأسى لقصة لين طالب، التي تناقلتها وسائل الإعلام، تلك الطفلة البريئة، ابنة الخمس سنوات، التي تحطمت حياتها على يد قريب، كان يفترض أن يكون رمزًا للحنان والرعاية. جدها قام باغتصابها، حسب التحقيقات الأولية، وأمها تسترت على الجريمة حتى ماتت نتيجة نزيف حاد!

كيف يمكن أن تكون الطفولة ممزقة بهذا الشكل؟ كيف يمكن للأطفال أن يتحملوا أعباء تلك الجرائم النكراء؟!

في عالم يجتاحه الظلام والحزن، تظل صرخات الأطفال الصامتة تتردد في أرجاء المجتمعات العربية. إنها صرخات يائسة للمساعدة، ووجع يحترق في قلوبهم من جراء الاعتداءات الجنسية، التي تحدث على يد أقربائهم، وكأنهم يعيشون في جحيم لا مفر منه.

وسط موجات الظلم والخيانة، يضيع الأطفال الأبرياء في أحضان من يفترض أن يكونوا حماةً لهم. تتجدد المأساة يومًا بعد يوم، والقلوب تنزف ألمًا لروح كل طفل يعاني في صمت، لأن الخوف وغياب الإدراك أو العار يقيدهم عن البوح بألمهم ومعاناتهم.

تنمو جروح الطفولة القاسية داخلهم، وتحمل معها عواقب وخيمة على حياتهم المستقبلية. يُحاصرهم الخوف والاضطهاد، مما يحرمهم من حقهم الأساسي في الاستمتاع بطفولة آمنة وسعيدة. تتلاشى براءة أرواحهم، وتتلاشى أحلامهم وطموحاتهم، ويكونون عرضة لجحيم يستمر مدى الحياة.

الكابوس لا ينتهي هنا، بل يمتد إلى عدم تقديم العدالة للضحايا وعدم محاكمة المجرمين بشكل عادل. يجد الجناة ملاذًا في دوائر السلطة والتقاليد البالية، في حين يعاني الأطفال من غياب الحماية والدعم.

يُشيب لون الأمل أمام هذه المأساة، لكن يجب أن لا نستسلم. يجب أن نتحد كمجتمع لنوقف هذا الجحيم ونجعل أصوات الأطفال تُسمع. يجب أن تتحرك الحكومات بقوة لتشدد العقوبات على المجرمين وتوفر الحماية للضحايا. يجب أن تقف المؤسسات والجمعيات والأفراد جنبًا إلى جنب لتقديم الدعم والعون للأطفال المنكوبين.

لنحارب هذه الظاهرة المشينة بكل ما نملك من قوة، ولنجعل الأطفال يشعرون بأنهم ليسوا وحدهم. فلتكن هذه الصرخات المكتومة حافزًا للتحرك، ولنصبح أصواتهم، التي تناشد العالم بالتحرك الجاد لإنهاء هذا الواقع القاتم. لنبذل كل الجهود لمنحهم حق الحياة الكريمة والطفولة الجميلة التي يستحقونها.

لنتجاوز الإحصاءات الباردة حول الجرائم ضد الأطفال ونلقي نظرة أعمق على قصص من دخلوا عالم الرعب بسبب أقربائهم. حين يصبح الماضي عبئًا لا يحتمل، ويصبح الحاضر جحيمًا لا يمكن الهروب منه. فقد تكون آثار تلك التجربة المريرة أكثر تدميرًا مما نتخيل.

لنجعل هذه القصص القاسية تحفيزًا للتغيير ولنضع يدنا بيد الأطفال لنساعدهم على الخروج من الظلام إلى النور. لنحميهم وندعمهم ولنضمن لهم مستقبلًا آمنًا ومشرقًا يستحقونه. فلنكن أصواتا تتحدث باسمهم، ونقول «كفى» لإرهاب الأطفال ولنمنحهم الأمل الذي يستحقونه.