بعد عشرات التخبطات في الفراش، ساعات طوال من النوم المستمر، أقرر أخيرا، أن أقوم عن وسادتي، لابتدء صباحي كغيري، أعد كوب من الشاي، بدون سكر ولا إضافات، أسخن قطعة خبز يابسة، فأتعمد المرور أمام مرآة مراحنا المتسخة، لألقي نظرة على ملامحي المنتفخة، وساعة الحائط المعطلة التي تعمدت إبقاء عقاربها على الساعة الثامنة والربع صباحا، كخداع مني لضميري الشبه الميت، وتحسبا لأية نوبة ندم مفاجئة قد تصادف إنسانا كسولا وتائها في حياته الغير معنونة مثلي، أخرج إلى فناء المنزل وألقي التحية على نادل المقهى، وأطلبه إعارة جريدة أدع لرغبته حرية إختيار محررها، كنوع من الإرضاء لخاطره وتجنبا لأي نوع من المفاوضات أو الأعذار التي يمكن إختلاقها، فبطرق كهذه يحافظ القارئ الحازق على مواكبته لمختلف الأحداث في محيطه، دون الإضطرار لطلب الدراهم من غيره، شغف الصباح كبخار كوب القهوة في الشتاء -يتلاشى بسرعة-، أيام تمضي ولا شيء يدعوا للإستيقاظ مبكرا، الشحادون كُثر، العاطلون وعبوسهم، المستخدمون وروتينهم الممل ينفث الشيخوخة على وجوههم، والصمت قد استسلم له البعض في الخارج ممن تعبوا الصراخ والمشدّات الكلامية .. أعيد لرجل المقهى جريدته، عائدا أدراجي هاربا، كمن أعادها بعد سرقتها لا استعارتها، أعود أدراجي لآستلقي وأشاهد سقف المنزل مجددا، الأفكار التي تأتي عديدة، والخلاصة أنني والقمر، الليل زماننا، أما أصحاب النهار معاشا، فلا نحن نمتلك الخاطر لنزاحمهم، ولا هم في حاجة لأشخاص إضافيين في يومهم مثلنا.

كفى