بداية يوم جديد قررت (لين ) كما هو معتاد مشاركته مع متابعينها، بتدوينه، حتي تسنح لها الفرصة بمشاركته حين تعود، أستقلت القطار المتوجه إلى الأسكندرية، لتلحق بزملائها في مقر شركة عملها الرئيسية، بدعوة من مديرها، لحضورها هذا الإجتماع، لكفاءتها في عملها، لتذهب ملبية لطلبه، في السادسة صباحًا لتصل قبل موعدها بنصف ساعة، وتستقل (تاكسي) إلى المقر الرئيسي، بينما الوحدة تختلجها، لتتجاهل شعورهاكلما صعدت طابقًا من طوابق البناية، بواسطة المصعد الكهربائي الخاص بالشركة، لتصل إلي قاعة الإجتماعات بعد إستفسار بادر منها، لتجد جمعًا من موظفين الشركة من كافة أنحاء الجمهورية، ليهتف صوت جهوري قائل:

_الإجتماع علي وشك البدء، رجاء الدخول يا سادة.

ليبدأ الإجتماع بعد فترة وجيزة، ويلقي مالك الشركة السلام، مصحوبًا بخطط، وأوامر جديدة بإستراتيجيةحللّها من قدرات العاملين معه، ليفكر بإستغلال موارده، وقدراتهم في إخراج فكرة جديدة.

لينتهي الإجتماع، ويخرج الموظفين كل منهم يتجه إلي وجهة معلومة(المنزل)، أما (لين) فقد عبرت طريقها نحو مطعمًا تعرفه أجلّ المعرفة، فليست أول مرة تأتي للأسكندرية بطلب من مديرها، كما أنها ليست المرة الأولي التي تتناول طعامها بمفردها.

إبتسمت بسخرية ما فائدة مثاليتها وهي تعيسة، وحيدة؟.

لا تجد من تشاركه الإفطار، ولا من تشاركه التفاصيل، طلبت طعامها، بعد أن دلفت للداخل، وأنتظرت.

ولكن نيران فؤادها لم تنتظر أن تستعير لاحقًا.

لتتناول طعامها، والبسمة تحتل ثغرها كلما تلاقت عيناها بعين أحد الجالسين أمامها، لتأكل القليل بروتينية شديدة، والغصة تخالجها، لتمسح بإبهامها عينها المترقرقتين المتوجهتين صوب طبقها المفضل الذي فقدت شهيتها في تناوله، لتترك الملعقة، وبعض النقود في ظرفها المخصص، ململمة أشيائها، وتنصرف بهدوء لا يتناسب مع مشاعرها المضطربة، تجولت في الطرقات لتجد نفسها أمام (الكورنيش)

كانت الطرقات، الشوارع فارغة، كفراغها من مشاعر التعاون التي لم تختبرها يومًا، لا تري أحدًا في الطرقات، الجميع يتشارك الإفطار، والصلاة معًا، أما هي فلا، لكن لا بأس فهي معتادة على ذلك الأمر، خرجت تنهيدة عميقة تحمل في طياتها الشفقة على حالها، فهذا منذ أن كانت بالسكن الجامعي، فقد كوّنت صداقات كما توقع الجميع، وبالأخص والدتها وأنها ستنتهي وحدتها، كانت مثلها مثل أي طالب جامعي، كوّنت صداقات، وتعرفت على الجميع وحاولت كسر شعورها بالوحدة، ولكن لم تشعر أنها بمكانها رغم حب الجميع لها، لم تشعر سوي بالغربة رغم وجودهم حولها كما يدعون، وخصوصًا عندما حاولت التأقلم على حياتها، فقامت بدعوة صديقاتها للإفطار سويا، فإعتذر جميعهن لأولوياتهن، فإنتابها أنها منبوذة، سيئة الحظ، كاللعنة كلما أحبت شيئًا أختفي فجاءةً من حياتها، لتفق على صوت بوق القطار الذي أعلن وصوله، لتتجه إلى مقعدها بعدما دفعت ثمن تذكرة العودة، وها هي على متن رفيق رحلاتها، لتضغط على زر المشاركة بعدما أضافت:

وعندي لم تعد ذلك الشخص الذي شاركته أيام من عمري، كُتبي، رائحة عطري، ملابسي، الأماكن، الرفاق، الطعام، حتي المشاعر نحوك، لم أعد أعرف هل هي مشاعر كره أم حب، لكنني لا أهتم فلم يعد لك مكان بحياتي، بعدما مضيت وتركتني أتساءل عن الخطأ الذي جعلكِ تتركني وحدي، تتخلي عني، بل جعلت من حولنا أيضا لا يتواصلون معي مثلك، أريد أن أخبر الجميع أنك لا تهمينني لكن رغبتي بالبكاء على ذاتي، على مشاعري النبيلة التي واجهتني بالمقابل بها باللامبالاه،واشعرتيني بالحسرة علي كل يوم مر بالقرب منكِ.

ليتني لم أقترب.

ولكن لا زال الجميع يتساءل لِمَا لا أشاركهم ملابسي، أشيائي، مثلكِ، بالحقيقة تشبع فؤادي خذلان منك، لذا لا أريد المزيد من الذكريات، لا رغبة لدى بسماع أغنية مع أحد، التمشي بالأزقة، التناقش حول أمر ما، لا أود بصنع ذكريات، أصحابها يرحلون، وتبقي هي بذهني، أتذكرها كلما تشابهت المواقف.

#وحدة_رغم_تجمهر_الجمع

#حكايات_نمنم_لـ30_يوم_غير_كل_يوم

#منة_محجوب.