نعم، كما قرأت بالعنوان .. أكثر من 22 سنة وأنا أرتاد المواقع الإباحية وأشاهد الفيديوهات الجنسية، وتدحرجت إلى قاع المتاهة الإباحية ووصل بي الأمر إلى أن أصبحت مدمن كل ماهو اباحي (قصص، محادثات، فيديوهات، أفلام، مكالمات فيديو).
إلتقيت بالكثير من الشباب والشابات الذين ابتلو بإدمان المواد الإباحية ولا يستطيعون مُشاركة هذا الأمر مع أي أحد. لدى جئت اليوم أشارككم قصتي، وكلي أمل أن يستفيد منها شخص واحد على الأقل، أكون أنا سبب في تعافيه وابتعاده عن هذا البلاء المدمر لكل ماهو جميل في الانسان.
بدأت بمشاهدة الأفلام "الرومانسية" والفيديوهات الجنسية القصير عندما كنت في ال12 من عمري، من هناك بدأت رحلتي مع الإباحية وإدمانها والتوغل في أعماقها.
في البداية، أيام المراهقة، لم يكن لها تأثير "كبير" على حياتي، ولكني بدأت أعتاد عليها، وكنت كلما أشعر بالرغبة في الجنس أذهب لمقهى الانترنت، أشاهد بعض الفيديوهات، أستنمي وأغادر المقهى.
إستمر معي الحال هكذا، إلى غاية تخرجي من الجامعة ودخولي عالم الوظيفة. عند إستلامي لراتبي الأول إشتريت جهاز حاسوب واشتركت بخدمة الانترنت.
الأشهر الأولى مع حاسوبي الجديد، كانت عمل، دراسة، بحوث، لم أكن أشاهد فيديوهات إباحية كثيرة على ما أذكر. ولكن بدأ الوضع في التغير تدريجياً وبدأت أخصص أوقات لمشاهدة الفيديوهات الإباحية عندي عودتي من الشغل. كنت أتحرى الوقت الذي تكون فيه العائلة غير موجودة بالبيت حتى لايُكشف أمري وأحافظ على سري.
وفي نفس الوقت امام والدي، عائلتي، وأصدقائي ، كنت شخص متربي، خلوق، ولكن في داخلي بيني وبين نفسي كنت أحس بالنقص وعدم الثقة، خاصةً إذا فتحوا موضوع الزاوج و بدأوا بسؤالي عن الزاوج والبحث عن فتاة وهل وجدت أم لا!!! كنت دائماً أتهرب من مناقشة هذا الموضوع معهم وأكتفي بالاجابة بنعم أولا أو أصمت.
الوقت يمر بسرعة دون أن نلحظ ذالك، خاصةً اذا كنت تعيش في وهم وخيال فمستحيل أن تلمس وتحس بقيمة الوقت.
مع مرور الوقت وإنغماسي أكثر وأكثر في وحل الاباحية، بدأت أبحث عن ما أشاركه هذا البلاء، وبالطبع وجدت.
وجدت أشخاص من مختلف الجنسيات ، الأعمار ، رجال ونساء منغمسون تماما في هذه القذارة :(
بدأت في تكوين علاقات مع هؤلاء الأشخاص، وزاد الوقت الذي أقضيه في الإباحية من دقائق معدودة إلى 24/24 و7 أيام في الأسبوع لماذا؟
لأنه دائما هناك من يبعثلي لي فيديو إباحي، عمل إتصال فيديو، كلام وقصص جنسية، التعرف على أشخاص جدد، وبدأت أحس أن حياتي تهرب من بين يدي ومستقبلي أصبح غامض ولم أعد قادر على التحكم فيه.
في داخلي كنت أعلم أني على خطأ، وكنت أشعر بالذنب وتأنيب الضمير ولكن لم أعلم كيف السبيل الى النجاة والتخلص من هذه العادة التي أصبحت شئ عادي في حياتي.
في رمضان 2019 (بعد أكثر من 19 سنة إدمان للمواد الإباحية) بدأت في البحث عن علاج لنفسي. لم يكن الأمر سهلاً البت.
المهم بدأت في ذلك الوقت أبحث على إستحياء عن طريقة لتخلص بها من هذه العادة، وكلي يقين بداخلي أني لن أستطيع تركها أو التخلص منها لوقت طويل.
جاء كورونا، ومعه الحجر المنزلي، وهنا وجدت فراغ ووقت كبير جداً، أصبحت أقضيه كله في دائرة الإباحية .. إلى أن تلقيت في أواخر شهر نوفمبر 2020 إيميل من الشركة يخبرونني فيه بإغلاق مؤقت للفرع المتواجد بمدينتا وتسريح عدد من الموظفين وكنت أنا واحداً منهم.
هنا حدثت لي صدمة، وفجأة بدأت أطرح على نفسي أسئلة غابت عني لسنوات. في هذه اللحظة بدأت في البحث جدياً عن علاج لنفسي وكان هذا في شهر ديسمبر 2020.
بدأت بمشاهدة فيديوهات في اليوتيوب لأشخاص أدمنوا الاباحية وتعافوا منها. واصلت البحث إلى أن وجدت صفحة واعي على الفايسبوك، وبدأت في الاطلاع عليها بشغف ودهشة كبيرة جداً.
أي موضوع أقرأه أحس أنه يتكلم عني وعن حالتي!!! قرأت وقرأت وعلمت انه من الممكن التخلص من هذه العادة والعيش بدونها ولكن الأمر يحتاج الى كفاح مع النفس وصبر وإرادة.
حملت تطبيق واعي وبدأت رحلة الكفاح ومجاهدة النفس من أجل تغيير نفسي للأحسن والأفضل.
أقولها لكم، لم تكن الرحلة سهلة بتاتا، وخاصةً أني كونت وعملت علاقات شخصية مع مدمنين ومدمنات لهذه القاذورات. أسأل الله أن يهديهم ويردهم إليه رداً جميلا.
أول شئ نصحوني به الشباب في واعي هو الصلاة والمحافظة عليها قدر المستطاع في المسجد
- الإعتراف بأنك مدمن على الإباحية. فبدون أن تُقنع نفسك بأنك على خطأ وأن الأمر الذي تفعله يضر بحياتك، صحتك، وعقلك لن تستطيع التخلص منه وتغييره.
- الإكثار من الصيام .. وخاصةً الإثنين والخميس وأيام البيض.
- قيام الليل
- الصدقة
- الدعاء ( ياحي ياقيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولاتكلني إلى نفسي طرفة عين )
- إقطع علاقتك بكل المدمنين (وهذه كانت جد صعبة علي)
- صاحب صحبة صالحة
- إقضي بعض الوقت مع العائلة - اخرج معهم، زاورهم ولاتُقاطعهم.
- العمل. اشغل وقتك بالعمل
- الرياضة مثل الجري والهرولة
- لاتدع مجال للفراغ وابدأ عادة حسنة جديدة.
بتوفيق من الله سبحانه وتعالى بدأت في العمل على تغيير نفسي والتخلص من هذه العادة. كل يوم كان حرب بالنسبة لي لايعمل بها أحدٌ غيري.
في الأشهر الأولى من بدأي للتحدي، كان الأمر صعب. أتوقف 20 - 30 يوم ثم أنتكس من جديد.
أُراسل الشباب بصفحة واعي يردون علي بكل صدر رحب وتفهم لحالتي، ويخبرونني أنه يجب علي أن أستمر وأن لا أتوقف لأني في منتصف الطريق، وكما كان يقول لي أحدهم: "بالنهاية سوف تحمد الله على تغلبك على الإدمان"
بعد أن إنتكست كم مرة، قررت أن أبدأ بداية جديدة لن أعود فيها إلى سابق عهدي بإذن الله .. خاصةً وأني لمست تغيرات كبيرة على المستوى النفسي والعقلي، وأصبحت أشعر بالطمأنينة وراحة بال فقدتها من سنوات طويلة.
22 ماي 2021 .. البارحة أكملت سنة دون مشاهدة مقطع جنسي إباحي واحد ولله الحمد والمنة.
أسأله سبحانه وتعالى أن يقبل توبتي، ويرحم ضُعف قوتي، ويغفر خطيئتي، وأن يُعافي كل مبتلى من هذا الإدمان، وأن يرد شباب وشابات المسلمين إلى الصراط السوي. اللهم آمين
كيف أشعر الآن بعد توقفي عن إدمان المواد الإباحية؟
شعور لايوصف الصراحة.
عدت إلى طبيعتي السوية، نظرتي للمرأة تغيرت، مفاهيمي حول الجنس عادت إلى فطرتها، طُمأنينة وراحة بال لاتُشترى بمال الدنيا، تركيز كبير على عملي ومستقبلي .. وأجمل ما حدث لي هذه السنة هو أني تعرفت على فتاة من أطيب خلق الله، الحمد لله خطبتها :-) وأنا الآن أجهز للحفل زفافي.
أرجوا منكم الدعاء لي بالتوفيق والتسيير والرزق الحلال الطيب المبارك.
وكل ماأرجوه من قصتي هذه أن ينتفع بها شخص واحد على الأقل، وأن أسمع عن شباب وشابات تعافوا من إدمان هذه القاذورات والتي هي أخطر من الكوكايين والمخدرات لأنها تفك بالعقل البشري وتُحرف الفطرة الإنسانية السوية.
التعليقات