في بداية العام نشرتُ مساهمة على حسوب عنوانها (لقد كبرنا على خطط بداية العام، لكن هذه هي خطي) وقلتُ فيها أنِّي مسحتُ الانستغرام، وكانت نيِّتي أن أمسحه لشهر، لكنِّي سأدخل في الشهرين.

في البداية أنا طالب جامعي، أعني أنا من أكثر الفئات تعلّقًا بهذا التطبيق، فإذا كان طالب المدرسة ينشر لأصدقاء صفّه، والكبير ينشرُ للأقارب والعشير، نحن ننشر لشريحة أوسع بكثير.

نحن أيضًا نستغلّ الانستغرام لشيء أعمق من مجرد النشر، نحن في مرحلة الشباب ومحاولة كسب الاعجاب، الجذب وتكوين الصداقات تمهيدًا لانطلاق الحياة، فالانستغرام -برأيي الصريح- منصّة الشباب لاستعراض جوانب حياتهم الايجابية، وهذا ليس عيبًا، بل هو أجمل ما في هذه الأيّام!

بعد هذه المقدّمة، يبدو من المنطقي أن ترى أنَّ مكانًا كهذا، سيصبح كسوق العرض، أو منصّة للاعلانات عن مدى روعة حياتنا، أتذكّر أنِّي نشرتُ صورة أنيقة لي هناك، ووضعتُ عليها تعليقًا ذكيًا (يسمونّه كابشن) نظرتُ لنفسي بعدها: هل حقًا حياتي بهذه الروعة؟

تفعل ما يفعلون

لو كان الموقع مثل حسوب، لما تجرأتُ على نشر صورتي مصحوبة بالـ "كابشن" لكنَّ الموقع كان منصّة لعرض الصور، لعرض اللحظات الحلوة من حياة الناس، في تلك اللحظات شعرتُ أنِّي أنتمي لمجتمع انستغرام، أفعل مثلما يفعل الناس.

شيوع هذه الثقافة يُصعِّب المهمة على من يريد أن يسير عكس التيّار، لو أردتُ نشر سلسلة "ستوريات" عن كتاب أو فائدة، أشعر أنِّي غريب، كيف سيفكّر بي الأصدقاء "الكوول" كيف ستفكّر بي تلك الغانية؟

عندما تشعر أنَّ الناس ستنظر لك بشكل مختلف، فهذا قد يحمّسك قليلًا، لكنّك على المدى البعيد ستتخلَّق بعادات وتقاليد الموقع، صورة، مطعم، عشاء، صورة بخلفية جميلة الخ.

تقديس الأحداث

مشكلتي الثانية مع الانستغرام هي تقديس الأحداث، تمرُّ بنا كثير من الأحداث في اليوم، ولا أرى هناك داعيًا لنشرها لجمع من الناس، ربما موقف حدث اليوم، نشرته ويبقى منشورًا ليوم كامل، بعد 18 ساعة سأكون نسيتُ الموقف ويردُّ عليه صديق من الأصدقاء، سأصرف وقتًا أكثر في موقف ما كان فيه فائدة أن يُنشر من الأساس.

العيش في الماضي لا يهمُّ من يُريد أن يصنع المستقبل.

معارف عن بعد

أنا كثير الأصدقاء على الانستغرام، التطبيق يعوّدني أنّ لي معارف كثر، حينما عطّلته اكتشفتُ أنِّي لا أستطيع ارسال رسالة على الخاص لمعظم هؤلاء، لا أستطيع أن أبدأهم بحديث من دون "ستوري" يُرطِّب الأجواء ويشجّعني على الرد، معرفة الفرق بين صديق الجأ له وقت الشدّة، وشخص أعرفه من بعيد أمر مهمّ للصحّة النفسية!

هذه الثلاثة تعلّمتها بعد شهرين من حذف الانستغرام، لا أنوي أن أعيد حسابي أبدًا، ماذا عنكم؟ هل أجد من يشاركني بغض هذه المنصّة؟ :)