ليوم الجمعة طقوس اسرية لطالما رأيت جدتي وأمي من بعدها يمارسنها ، يبدأ نهارنا باكراً فتعد امي الفطور و تضبط موجة الاذاعة علي اذاعة القرآن الكريم لتصدح الايات العطرة بين جنبات بيتنا الواسع .
اركض واختي للعب في ارضنا الواسعة وتحت اشجار الزيتون الوارفة ،اعود للبيت لاتناول وجبة خفيفة او ربما لاروي ظمأي برشفةِ ماء، لاجد امي منهمكة في اعمال المنزل ورائحة البخور تملئ اتموسفير البيت مختطلة برائحة طعام الغداء الشهي والذى لا يمكن الا ان يكون -زفر- بالمصطلح العامي للحوم .
كان الجمعة بالنسبة الينا يوم اجازة ولهو وبالنسبة لوالدتي يومُ عملٍ شاق ،تبدأه بفتح كل شبابيك المنزل ان كان الجو صحواً وتعزيل البيت فلا تترك ركناً الا وقد جالت فيه بمكنستها السحرية ،اضف لذلك صوت القرآن ورائحة البخور مزيج تكرر امامي اربعة مرات شهرياً وعلى مدار سنين طفولتي ومراهقتي الى ان اصبحت انا نفسي طرفاً مشاركاً رغماً عني في هذا الحفل الاسبوعي .
اتذكر مرة كنت اتذمر واجادل أمي لما علينا ان نفعل كل هذا تحديداً في يوم الجمعة ،فالبيت نظيف ولا داعي لهذه الحملة التي نشنها عليه كل جمعة ، ثم لما البخور وصوت القرآن العالي بالبيت ولما نمنع من فتح التلفاز قبل صلاة الجمعة !!
لتجيبني :"ان يوم الجمعة هو احب الايام لله ، ويجب ان نطهر البيت بالقرآن والبخور لتحل علينا البركة ،وبالنسبة للتلفاز ذاك الوقت كان بالنسبة لامي شراً اعظم وسبب في الفساد (لم يكن النت والهواتف المحمولة قد انتشرت ).
طبعا لم اقتنع بحرف ولكنني كنت اساعدها واتمني من الله ان ينتهي هذا اليوم وينتهي معه العمل ، فأمي نشيطة جداً بارك الله في صحتها وهذا لا يعنى كسلي طبعا ، وانما كانت-اطال الله عمرها- لا تستطيع الجلوس دون ان تشغل نفسها بأى شئ
وقد تتطوع لتساعد الجيران لو طلبوا منها ذلك، المهم وكي لا اخرج عن السياق كبرت وتزوجت ووجدت اننى نفسى اصبحت نسخة امي التي كنت اتذمر منها يوماً، اقلب بيتى في مناورة عسكرية تكتيكية أقصد -تنظيفية -واشغل القرآن ولا يحلو لي سماعه الا بصوت عالٍ واضف لذلك البخور فهو ضرورى لاتمام طقس الجمعة ، ومن سخرية الاقدار اجد ابنتى تردد على مسامعي ما كنت اقوله لماما ،فاتبع السيناريو المعروف واخبرها بما اخبرتني به أمي وان يوم الجمعة له طقوسه وتفرده بين ايام الاسبوع .
وانتم اصدقائي ما هي ذكرياتكم عن الجمعة وهل كان لكم طقوساً مميزة فيه؟؟
التعليقات