لقب الأم الذي لطالما حلمت به جاء مقرونا بجرحين غائرين .. جرح العملية القيصرية و جرح الخذلان..

أحاول أن أتذكر ما علي فعله تجاه كل هذا الألم الذي يعتريني .. المقالات ، الكتب و الدروس.. تتلاشى حروف كل ما أعددته لهذه اللحظة من معلومات و توجيهات و تفقد معانيها و لا يبقى سوى إحساسي بالألم..

أجلس منزوية في غرفتي ليلا، إلى جانبي طفلة صغيرة هي كل عالمي اليوم، أنظر إليها بعقل مشوش و جسم منهك و قلب مجروح.. تبدأ في البكاء فأحاول بصعوبة احتضانها، كل حركة مهما كانت بسيطة تحيي الألم بي، أحاول إرضاعها، ألصقها بصدري مرارا و تكرارا، فلا أجد ما أرويها به، أحاول طلب المساعدة فلا أجد بقربي أحدا...

تطلع الشمس لتنير عتمة الغرفة معلنة عن يوم جديد سيزيد العتمة داخلي..

علي أن أتناول شيئا من أجل صغيرتي، الكل مشغول.. و أنا متعبة، أنا الفتاة القوية المستقلة أقضي الساعات الأولى ليومي و أنا انتظر الاهتمام و الرعاية، أكره المرأة التي صرتها و أكره انتظاري..

أفقد شهيتي و أغالب عزلتي و ألمي و أقوم لترتيب غرفتي في انتظار فوج آخر من المباركين ..

نساء كثيرات سيقتحمن عزلتي لدقائق.. نساء يؤمن بحقهن المشروع في مداعبة ابنتي حديثة الولاة، إعطاء التوجيهات فيما يخص رعايتها، إلقاء الدعابات الباردة، و إبداء رأيهن في تجربة ولادتي..

تلك التجربة التي أحاول بكل جهدي تناسي ماعانيته خلالها..

أنا الأم الجديدة التي تبتسم لكم و ترد بأدب على تبريكاتكم .. أقول هنا بعد أن أنهكني التعب و خذلان أقرب الناس إلي، أنكم أفسدتم أجمل لحظة في حياتي.