في السنة الثالثة لي بكلية طب الأسنان شعرت لأول مرة وكأن أحدهم يطرق باباً بشكل متواصل داخل أذني اليسار ، بديهياً أطلقت عليه الطنين و أوَّلت أسبابه إلى كثرة استخدام سماعات الأذن .
وتوالت الأيام و توالى معها وصفي للطنين ، مرةً و كأنه موكب للجنود يسير بصخب ، و أخرى كأنها فتاة تمضغ لباناً مستخدمة أكبر قوة لأسنانها ، كنت أشعر أحياناً و كأن فرحاً للجيران داخل أذني أو طبالٌ متحمس لا تفارق أصابعه الطبلة لخلق سمفونية طويلة لا تتوقف ولا تهدأ ، أما في أخر المطاف أشعر كأنّ قلبي ينبض في أذني .
كانت الأصعب هي ليلةً لامتحان التركيبات المتحركة في سنتي الرابعة من الجامعة فلم أجد سوى طرق رأسي بالجدار محاولة لإخماد الصوت ومع ذلك باءت محاولتي بالفشل لتأتي الموجة الأقوى في شهر رمضان المنصرف حيث كثرت المحاولات من اغلاق للأذن بقطع من القطن الطبي أو بأصبعتي أو بالوسادة إلى تمارين للرقبة و أحياناً سماع القرآن بصوت عالٍ ، حتى التأمل أخذ من محاولاتي حيز إلى القفز و السكون تارة أخرى و النفس العميق و غيرها الكثير من المحاولات من تناول المسكنات و أدوية الطنين و الحساسية فضلاً عن كل أنواع قطرات الأذن و العين و طبعاً العلاج السحري زيت الزيتون "لم يكن سحريا هذه المرة "، حتى مجموعات على الفيس بوك تجمع مرضى الطنين لم تسلم من محاولاتي و جلست أتصفح منشورات لكثير من الناس يعايشون نفس المعاناة و يتشاركون نفس الشكوى و الكثير من الحلول البائسة و الحل الأصعب طبعا " تعايشوا مع الطنين فلا علاج له " هذا كله مصاحباً بدعائي ليلاً نهاراً أن يحلها الله من عنده.
وأخيراً قررت زيارة الطبيب للمرة الثانية لعلي أجد حلاً شافياً هذه المرة ، فوجد الطبيب بعد الفحوصات أني أعاني من الطنين النابض لمشكلة ليست بمرض لكنها اختلاف عن الطبيعي و سماعات الأذن بريئة من اتهامي بحقها و التوتر هو العامل المحفز لكل هذا "ف بحجة أو بدون يؤسفني أن أعلن أن كلية طب الأسنان و ضغطها الممارس بحق الطالب هي السبب الرئيسي لشكواي" و لا علاج له سوى التعايش و تقليل التوتر .
أحب أن اخبركم في هذا المقال و المقام أني لم أكره كلمة من كلمات اللغة العربية أجمع كما كرهت "التعايش و مشتقاته من الأفعال" .
أكتب و النبض بأذني أني لم أجد الحل و لم أقوى على التعايش و لكن كلي أمل بالرحمن الرحيم أن يمنّ عليّ بالشفاء من هذا الألم .
التعليقات