بدأت الشمس في الانطفاء تدريجيا وتثاءبت المصابيح في الشارع استعدادا لاستلام وردية العمل..

  • لماذا ينظر المارة إلي باستمرار هكذا .. بالتأكيد لا أحمل واحدا من تلك المصابيح الناعسة فوق رأسي .. لماذا لا ينتهي هذا الطريق سريعا .. ربما لو كنت برفقة أحدهم كان سيصبح أمتع .. كان يجب علي الخروج مع أصدقائي مبكرا هذا الصباح بدلا من السير وحيدة هكذا يتأملني الناس وكأنني كائن فضائي .. أيها السيدة العجوز بالتأكيد طريقك ليس في وجهي حتى تحدقي في هكذا .. لا أحب أن يحدق في أحد ولا أن ينظر في عيني طويلا أجد صعوبة في الهروب بعيني عنه ولكنني أحب التحديق في الملامح المختلفة .. كل الناس يمكن أن يصبحوا فاتنين أو قبيحين الاثنان في آن واحد .. لم تتاح لي الفرصة في أن أحدق في عينيه .. لم يفضل أبدا الجلوس متقابلين وإنما أن ننظر سويا في الاتجاه نفسه .. ماذا كان أمامنا تلك الليلة .. نعم انه النيل .. اه لم أشعر أن القاهرة بمثل هذا الجمال من قبل .. لثوان كان يتلاشى هو وكل من حولي ولا يبقى سوي انسياب ماء النيل .. لا لم تكن القاهرة جميلة في ذلك اليوم .. لقد بقيت طول فترة الصباح أبكي لأنني وحيدة .. ألم أخبر نفسي أنني لن أسمح لأحد أن يجعلني أشعر بالوحدة حينها .. وها أنا أسبح في مياه الوحدة في ذلك الشارع الطويل .. يا إلهي متى سينتهي هذا .. حذائي يصدر نقيرا مرتفعا .. ربما لهذا السبب ينظر إلي الناس .. او ربما بسبب ظهري المنحني .. كان يجب أن أقوم ببعض التمارين الرياضية حتى لا أبدو وكأنني عجوز خمسينية .. لماذا لا أستطيع السير في خط مستقيم واترنح يمينا ويسارا هكذا .. حتى في حياتي دائمة التخبط والتردد .. لها حق أختي ألا تعتمد علي في قرار حاسم .. حسنا .. ربما معها بعض الحق .. متى سأتزن وأتصرف كراشدة وانا في الرابعة والعشرين ومازلت اتتبع بلاطات الرصيف حتى اتعود على المشي في خط مستقيم.. خط مستقيم .. قاومي .. لا تترنحي..... ها قد وصلت